ولا يقتصر الأمر على اتساع حجم السفينة؛ وبالتالي زيادة حمولتها، بل إن قوانين سعة السفينة الخشبية والحديدية مختلفان؛ فنظرا لسمك الأخشاب المستخدمة في بناء السفينة وضخامة الأخشاب التي تدعم هيكل السفينة، فإن سعة السفينة الخشبية تكاد تقترب من وزنها فارغة. فإذا كان وزن السفينة الفارغة 200 طن، فإنها تستطيع أن تحمل حمولة موازية أو أزيد قليلا. أما متانة الحديد وقلة سمكه وسمك دعاماته في هيكل السفينة بالقياس إلى الخشب، فإنه قد أعطى السفينة سعة أكبر وحمولة قد تصل إلى ثلاثة أضعاف وزنها الفارغ.
وبذلك فإن السفينة الحديثة قد زادت سرعتها كثيرا بالمقارنة بالسفينة الخشبية، كما زادت سعتها بدرجة أكبر، ولكن هناك توافق بين حمولة السفينة وسرعتها؛ فالسفن الكبيرة والحربية تسير بسرعات أكبر من السفن الصغيرة، ليس فقط لكبر المحرك المولد للطاقة، بل إن ذلك مرتبط أيضا بقوة وتحمل السفينة للضغوط أثناء سيرها.
ومتوسط السرعات للسفن (خاصة بعد إدخال ماكينات الديزل كطاقة محركة بدلا من آلات البخار العتيقة) يتراوح بين 12 و35 عقدة في الساعة. (العقدة البحرية مسافة = 1852 مترا.) كما أن متوسطات الحمولة قد زادت كثيرا في سفن الركاب العابرة للمحيطات، وهي تتراوح بين 25 ألف طن و55 ألف طن، بينما متوسط الحمولة لسفن الركاب في البحار الصغيرة يتراوح بين 5 آلاف وعشرة آلاف طن.
أما السفن التجارية فإن سرعتها ووزنها ما زالا أقل بكثير من السفن المخصصة للركاب، متوسط السرعة حوالي 10-12 عقدة، ومتوسط الحمولة بين 5 آلاف و10 آلاف طن، لكن نوعا واحدا من سفن الشحن قد حدثت فيه ثورة هائلة في بداية الستينيات من هذا القرن؛ تلك هي ناقلات البترول التي ارتفعت حمولتها من 10-30 ألف طن إلى أن قاربت نصف مليون طن.
ومع دخول الطاقة النووية مجالات توليد الطاقة والدفع يمكن أن نتوقع تطورا جديدا للسفن في السرعة والسعة والقوة. وهذه الطاقة ما زالت قاصرة على السفن والغواصات الحربية، بينما جهز الاتحاد السوفييتي بعض سفن محطمات الجليد بمثل هذه الطاقة. وقد ساعدها ذلك على الحركة القوية المستمرة دون اللجوء إلى موانئ التموين، كما ساعدها على إنشاء أجهزة تحطيم كبيرة وقوية في عملها من أجل شق الطريق الملاحي في المحيط المتجمد الشمالي، وفتح الموانئ التي تتجمد مياهها - مثل فلاديفوستوك - للملاحة طول السنة. (3) أنواع السفن الحالية
مع التقدم الذي لمسناه في بناء السفن ووزن حمولتها ومع تقدم أشكال التجارة وتنوعها واحتياجها المستمر إلى وسائل نقل عامة وخاصة، فإن السفن أيضا قد تعددت أنواعها كثيرا وتخصصت في مضمار النقل إلى حد بعيد، فأصبح هناك سفن الركاب، وسفن البضائع، وسفن الركاب والبضائع معا، وسفن نقل البترول وسفن نقل خام الحديد، وسفن أخرى لأغراض خاصة كسفن صيد الأسماك وسفن صيد الحيتان، وسفن المصنع التي تجوب البحار مع أسطول صيد صغير يعطيها الصيد لتقوم سفينة المصنع بتعبئة وإعداد الأسماك ونقلها إلى الموانئ القريبة، لتقوم السفن الأخرى بنقلها بدورها إلى موانئ الاستيراد. وفيما يلي دراسة موجزة للأنواع الرئيسية من السفن الحالية. (3-1) ناقلات الحديد والبترول
السفن المتخصصة في نوع ما من أنواع النقل معروف أمرها ولا تحتاج إلى شرح كثير؛ فسفن نقل الحديد عبارة عن صنادل هائلة الحجم تقوم بتعبئة خام الحديد أو الحديد الناعم من موانئ إنتاج الحديد إلى الموانئ القريبة من مراكز الصناعات الحديدية الثقيلة. وأشهر هذه السفن هي تلك التي تعمل في البحيرات العظمى الأمريكية بين موانئ تصدير الحديد في غرب بحيرة سوبيرير (مثل ميناء دولوث) وتنقلها عبر البحيرات إلى بحيرة إيري؛ حيث توجد صناعات ثقيلة كثيرة (دترويت لصناعة السيارات، كليفلند لصناعة الحديد، وينقل منها أيضا إلى مراكز صناعة الحديد والصلب الأمريكية الرئيسية في بتسبرج وأكرون).
وكذلك هناك سفن نقل خام الحديد من ميناءي ست أيل
Sept ils
وبور كاتييه في كويبك الشرقية لنقل حديد لبرادور وكويبك (من شيفر فيل وجانيون على التوالي) إلى حوض سنت لورنس ومنه إلى البحيرات العظمى؛ حيث تتركز أكبر مراكز استهلاك الحديد في الصناعة الأمريكية والكندية. وفي أوروبا يقوم ميناءا نارفيك النرويجي ولوليا السويدي بنقل حديد كيرونا جيلفار إلى أمريكا سابقا والدول الأوروبية الصناعية حاليا في منطقة بحر الشمال أو إلى مراكز الصناعة السويدية.
Bilinmeyen sayfa