Felsefi Kökler Yapısalcılık
الجذور الفلسفية للبنائية
Türler
17
والواقع أن كتاب «الأسطوريات» يحفل بأمثال هذه الارتباطات الشعرية التي يمزجها ستروس بتحليلاته الأنثروبولوجية، فيخفف إلى حد بعيد من جفافها، ويثبت أن للجانب الانفعالي العيني وجودا لا يمكن تجاهله، وسط الصيغ الرياضية المفرطة التجريد، التي اشتهرت بها كتاباته. ولعل في هذا ما يدل على أن الشقة التي تفصل بين بنائيته وبين الوجودية تضيق أحيانا إلى حد لا يتصوره من يتأملون كلا المذهبين من خلال الصيغ التي شاع إطلاقها عليهما دون تدقيق أو تمييز.
ميشيل فوكو وبناء العقل الحديث
حين نشر ميشيل فوكو
M. Foucault
كتاب «الكلمات والأشياء
Les Mots et leschoses » في عام 1966م، أحدث الكتاب ضجة كبرى، ورآه البعض مبشرا بفلسفة جديدة، بينما نظر إليه آخرون على أنه أضاف بعدا جديدا إلى الحركة التي سبق أن أثمرت في ميادين اللغويات والأنثروبولوجيا والتحليل النفسي والتفسير الماركسي. ولكن هذه الضجة الصاخبة كانت في واقع الأمر ضجة موقتة؛ إذ إن الكتاب بعد مضي عشر سنوات على نشره، لم يثبت قدرته على الصمود للزمن، وأصبح من المألوف كلما تعرض باحث لهذا الكتاب في الوقت الحالي أن تغلب لهجة الانتقاد عنده على لهجة الإعجاب، بل إن البعض يعربون عن اعتقادهم بأن الكتاب كان «موضة» مرتبطة بفترة معينة، وأنه - برغم عدم اعترافه بالتاريخ - قد أصبح اليوم ذا قيمة تاريخية فحسب. ومن هنا؛ فإننا لا نعتزم الإطالة في الكلام عن فوكو وعن كتابه الرئيسي هذا؛ إذ إن الاتجاهات الأكثر ثباتا في البنائية أحق منه بالبحث المطول.
في كتاب «الكلمات والأشياء» يعرض فوكو الصور البنائية المختلفة التي أخذها العقل الأوروبي منذ عصر النهضة حتى القرن العشرين. وقد يتبادر إلى الذهن للوهلة الأولى أن مثل هذا العرض لا بد أن يكون تاريخيا، ما دام موضوعه قد تغير طابعه على مر القرون الخمسة التي اتخذها المؤلف ميدانا لبحثه. ولكن حقيقة الأمر أن فوكو نظر إلى العقل - الذي أطلق عليه اسمه اللاتيني
Ratio - نظرة نسبية لا علاقة لها بالتاريخ. فالعقل قد تغير طابعه في مرحلة من مراحل بحثه؛ لأن هناك «بناء» مميزا لكل من هذه المراحل. أما تلك التغيرات التي تطرأ نتيجة لتفاعل العقل مع الأحداث وحركته خلال الزمان؛ فإن فوكو لا يهتم بها، ولا يتحدث عنها في كتابه. وهكذا فإن كل ما يقدمه إلينا هو مجموعة من البناءات المغلقة إغلاقا محكما، والتي اتخذها العقل خلال الفترة الحديثة من الحضارة الأوروبية. أما كيفية الانتقال من كل بناء إلى آخر، والعوامل التي أدت إلى تغير البناءات، فهذا ما لا يحاول فوكو أن يفسره.
ولقد وضع فوكو لكتابه الرئيسي هذا عنوانا فرعيا هو:
Bilinmeyen sayfa