Yeniler ve Eski Olanlar: İncelemeler, Eleştiriler ve Tartışmalar
جدد وقدماء: دراسات ونقد ومناقشات
Türler
إن مشيخته جعلته يستهزئ بهم، فيجعلهم يقتتلون على لا شيء تقريبا، على «عصا النوطرة» صحيح أن هذا أمر واقعي، ولكن المؤلف يحتقر تلك الحفنة من البشر، وحسبك استهزاء بهم، عند عقد الصلح، تقديم تلك العصا إلى بيت الحمصي كأنها صولجان ملك، لا عصا ناطور.
أما الرواية الثانية فاسمها يدل على تقدير المؤلف لأبطالها «حفنة ريح» ازدراء وأيما ازدراء، جل هذه المسرحيات نقدية فلا يفلت من قلم المؤلف شيء ولا يسلم من لسانه أحد، فهو ينتقد حتى أقرب الناس إليه ويجعله مثلا لبطل من أبطاله.
ينتحل سعيد كلام ومشاهد غيره كما في ختام رواية لولا المحامي؛ حيث يشن الغارة على موليير، فوحدة الحال بينه وبين موليير تبرئ الموقف، فدستور سعيد الفني دستور موليري، قاعدة القواعد هي أن ترضي وتعجب.
كل حياة سعيد قفز وجمز، فمن مدرسة مارونية إكليريكية أرستقراطية محافظة، إلى جامعة أميركية ديمقراطية لا تعبأ بالتقاليد الموروثة. ومن لبنان - بل من الشوف الدرزي المحافظ - إلى المهجر من لبنان أرض الثرثرة والانطواء على الذات إلى أرض العمل حيث لا ذات إلا للدرهم والدينار، ولا حديث غير حديث الجمع والقسمة والطرح والضرب.
شاب نشأ في بيت عتيق ، زرع في رأسه أبوه محبة هذا البيت ودعمه بكل ما له من قوى، فراح يفتش عن الدعامة المثلى - المال - وهناك رأى هموم الناس الكبرى فراح يضحك في مسرحياته من هموم القرية الصغرى، وانتزع من اختباراته العالمية فوائد شتى، وصور أبطال لمها إلى الساعة التي استيقظت فيها قريحته الهاجعة على إكليل الغار، فكانت مواد مسرحياته وأقاصيصه.
تنظر إليه فتحسبه جبارا عنيدا، ولكنه يبدو لي مما قرأت أنه رجل طيب العنصر، وفي إذا أحب، دمث الأخلاق على تمام ألواحه وعرض كتفيه، فذلك الهيكل الضخم الذي يبديه كمصارع أو ملاكم من الطراز الأول، فيه نفس طيبة تنم عنها تلك التعابير التي يخلقها، وإن لم يكن من العدم، فله فيها فضل التطبيق، الرجل ملهم بدون شك.
سعيد في نظر بعضهم يعتمد النكتة تعمدا، أما أنا فأرى أن التعمد هو عمل إرادي، لا بد منه لكل من يريد أن لا يكون مقلدا، يقول هؤلاء إنه متطرف في هذا، وأنا لا أقول لهم أكثر من هذا، أي إن سعيد تقي الدين إذا لم يوفق إلى مثل هذه العبارات في مسرحياته وأقاصيصه ومقالاته يمزق أوراقه، فغايته الأولى هي أن يستولي على الجماهير ويجرفهم في التيار الذي يصطنعه لجرفهم إلى حيث يشاء.
مسرحيات سعيد تصوير للحقائق بشكل مضحك، أما عقدة «نخب العدو» التي كلفته اجتراح العجائب كالمسيح، فهذه في نظري ليست بالعنصر الهام في مسرحياته؛ لأن دراماته ومهازله تقوم على نماذجه وشخوصه المعمولة على قالب «استعمال» لا جاهز، بل على ذلك الحوار الرائع.
أما عيب هذا الحوار فهو أن عبارته تكون أحيانا عامية حتى يسقط الخليل وسيبويه وابن عقيل تحت الردم، وفي لحظة يستحيل التعبير فصيحا حتى التقعر، بينما يكون المتكلم واحدا بل في حوار واحد.
فهذه أم وسيم تخاطب خادمتها زليخة قائلة لها: أدجاجة أنت فتنامين قبل المغيب؟ أخطأ هنا سعيد من جهتين أولا؛ لأنه قال: فتنامين، وهي فتنامي، وهو لو قالها على حقها لدنت جملته قليلا من واقع الحوار.
Bilinmeyen sayfa