Soykırım: Toprak, Irk ve Tarih
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Türler
وبسبب تبليغات دافيت صادرت الحكومة ما يقارب ألفي قطعة سلاح والمئات من رزم الديناميت وأحزمة الذخائر، وفي فترة قصيرة اشتهر دافيت في «وان» كلها وكرمته الحكومة على أفعاله تكريم الأبطال، ولأجل زيادة الحماية على حياته أعلن دافيت إسلامه وأطلق على نفسه اسم «محمد» مما أثار ذلك حفيظة الثوار ولقب بالخائن الأكبر بينهم، ولعل أرتين كان الشخص الوحيد الذي يعلم مدى صدق وأمانة دافيت للثورة والقضية الأرمنية، ولم يكن ليفعل ما فعل لولا ظلم مانوكيان له وأخذ روحه منه، لكن من يفهم هذا الكلام ومن يصدقه ومن يبرره ! الناس لا ينظرون إلى الأسباب ولا إلى الدوافع، هم لا يرون سوى النتائج فقط!
بعدها صدرت الأوامر بالتخلص من الخائن دافيت بأي وسيلة كانت، صلى أرتين للرب بألا يتم اختياره في تلك العملية، ولأجل ذلك طلب الإذن من القائد «فارتان» لزيارة قريته بضعة أيام، لعل المهمة توكل لغيره هذه المرة. - لا أستطيع إعطاءك إجازة يا أرتين، إن القائد مانوكيان قد اختارك أنت بالذات لهذه العملية، وأخبرني أن كل ساعة إضافية في حياة دافيت تقابل سنة كاملة من تهريبنا للأسلحة، لا بد أن يتم التخلص منه بأي طريقة كانت وعلى الفور، اقض هذه المهمة يا أرتين وبعدها سأعطيك إجازة مفتوحة تعود إلى وان متى شئت.
وضعت الحكومة دافيت في بيت «أحمد بيك» الذي كان يعمل ضابطا في سلك الشرطة، بالجزء الغربي من مقاطعة «غاردن»، كانت مهمة أرتين لا تستدعي الكثير من المقاتلين، بل مراقبة البيت واغتنام فرصة خروجه إلى الشرفة وإطلاق النار عليه، أو ضجر دافيت من البيت وخروجه مع عدد قليل من الحراس.
بعد مرور شهر كامل من المراقبة، أخيرا خرج دافيت مع مسئول حماية بيت الضابط وحارسين إلى السوق القريب من البيت، كانت تلك فرصتهم في الوصول إليه، وفي زحام السوق أشار أرتين على من معه في المهمة بإطلاق النار صوب الحرس، فهاجت الناس وماجت وبدأت الطلقات تتطاير في السماء، ولحق الحراس بمن أطلقوا النار، حينها هرب دافيت بين الناس متوجها إلى بيت الضابط «أحمد» فلحق به أرتين بين الأزقة الضيقة حتى اقترب منه فمد قدمه بين رجليه وأسقطه أرضا، ثم انقض عليه كالنسر وقد وضع كوفية على وجهه، حاول دافيت الدفاع عن نفسه بكل قوته ومنعه من غرز الخنجر في صدره؛ إذ لم يكن بمقدور أرتين استخدام المسدس في الزقاق خشية أن يعرف مكانه وهو في حي المسلمين ، كان دافيت قويا لكن الرهبة التي في قلبه جعلت أرتين يتمكن منه، وقبل أن يدخل الخنجر في صدره كشف بيده عن وجه أرتين حينها خارت قواهما، نظر في وجه أرتين وقال: أنت؟ أنت تريد قتلي يا أرتين؟
صرف أرتين نظره عنه ولم يستطع أن ينظر في عينيه. - هيا افعلها يا أرتين، لم يبق لي في الحياة ما يستحق البقاء، كل من أحببتهم غدروا بي، افعلها هيا! - سامحني يا دافيت سامحني، لقد بعتم الثورة من أجل فتاة لا تساوي قطرة من دم شهيد.
ثم غرز الخنجر في صدره حتى خرج الدم من فمه، وبقي دافيت ينظر إليه نظرة المظلوم وهو يفارق الحياة، أغلق عينيه أرتين بمسحة كف ولف كوفيته ثم فر هاربا من الحي.
بقيت تلك النظرة تلاحقه في المنام كل ليلة فيرى نفسه وسط آلاف الجثث كلهم دافيت، وينظرون إليه تلك النظرة القاسية البريئة، يهرب يمينا تخرج له صورته من الأرض، ينظر إلى السماء وكأنها تحولت إلى صورته ونظرته تلك، فيهب من نومه وهو يصرخ سامحنيييي.
الفصل التاسع والعشرون
القدس - فلسطين 1945م
في إحدى ليالي الصيف المقمرة كانت باحة الأقصى تحتضن بين حناياها مجموعات متفرقة من الرجال وكبار السن هنا وهناك، يتسامرون على أحاديث الأيام الخالية وأخبار أهل الكرامات والأولياء، وما يدخل العقل وما لا يدخله من قصص وحكايات الأولين، ويحيط بهم الفتيان الذين يتشوقون لسماع تلك الأحاديث الشيقة، ويقوم الشباب في خدمة الجمع من سقي الماء وتوزيع الأطعمة والحلويات وفناجين القهوة وأقداح الشاي، وسط جو من الفرح الذي يعتلي الوجوه.
Bilinmeyen sayfa