Soykırım: Toprak, Irk ve Tarih
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Türler
أطلق الضابط في وسط الجموع صفارته معلنا بدء أمر لم يدركه مايكل، لكن كان عليه أن يتبع المعتقل الذي أمامه، يفعل ما يفعله بحذافيره؛ فالجندي الذي يحمل سوطا أمام الطابور هو من يسوقهم، بعدها أدخلوهم إلى ثكنة يبدو أنها كانت مخزنا ضخما، يجلس بالقرب من بابها الخارجي على جهة اليسار جندي بكامل قيافته النازية وأمامه طاولة خشبية وسجل أسماء، وجندي آخر يقف قربه وهو يحمل شيئا داخل كيس ورقي، ثم بدأ الجندي ذو الوجه الشديد الحمرة والعيون الزرقاء الباهتة المخيفة بقراءة الأسماء من السجل، وكل شخص يسمع اسمه يأخذ كيسا ويدخل إلى غرفة فارغة داخل الثكنة، عندما نادى اسم مايكل توجه بحذر وخوف شديدين .. أخذ الكيس من الجندي ودخل الغرفة، فتح الكيس وإذا هي ملابس مخططة، فتلمس سمك القماش كونه تاجر أقمشة واللمس أصبح من عاداته اللاإرادية في معرفة نوع القماش وجودته، فكان من القطن المصنوع الرديء النوعية، وأثناء ارتدائه القميص المخطط رأى شارة صفراء مثلثة مع رقم 1216 مطرزا فيه، التفت حوله فرأى شارة بنفسجية وأخرى سوداء وخضراء على قمصان المعتقلين، لفت انتباهه هذه الشارات الغريبة، وتساءل إذا كان الأمر تصنيفا، فمنذ متى تم ذلك ونحن لم يمض على اعتقالنا سوى سويعات قليلة؟
بعدها تم حلاقة شعره ولحيته بالكامل، ثم عادوا أدراجهم بنفس الطريقة إلى الساحة، ثم إلى الثكنات المرصوصة خلف بعضها البعض والموزعة بشكل منتظم على مساحة المعتقل الذي تحيطه أسلاك شائكة مكهربة وستة أبراج مراقبة يتناوب الحراسة فيها جنديان طيلة اليوم، كانت الثكنات من الداخل عبارة عن مضاجع خشبية من ثلاثة رفوف متوزعة على طول الجدار وكأنها توابيت ليست أسرة، الأفرش والأغطية مهترئة ومتسخة.
شعر مايكل بضيق شديد عند رؤيته المكان والرائحة النتنة التي تفوح منها، مما جعله يسعل عدة مرات .. عند فتح الباب لأي سبب كان يجب على الجميع الوقوف في حالة الاستعداد أثناء دخولهم إليها الواحد تلو الآخر، كانت نظرات المعتقلين السابقين مليئة بالريبة والخوف، كانت نظرات بعضهم تحمل في جوفها الانزعاج بسبب تضييق المكان عليهم، لكنهم ليسوا أهل الدار حتى يمانعوا، وبما أنهم ليسوا كذلك فلا ملامة أنهم لم يستقبلوا النزلاء الجدد؛ فيبدو من وجوههم الشاحبة وأجسادهم المتهالكة أنهم منهارون منهكون لا يقوون على الجدال والسؤال.
بعد حلول الظلام وقبل أن يرقدوا إلى النوم آثر مايكل التقرب من أحد المعتقلين وسؤاله: مرحبا أنا مايكل.
مد يده إليه مبتسما، ونظر في وجه مايكل الذي لم ير بعد التعب والمشقة من أعمال السخرة في المعسكر، ثم صافحه مع ابتسامة شاحبة، وقال: أنا بيتر، أو بالأحرى 711. - وما الفرق بين الاسم والرقم؟ - هنا لا أهمية للأسماء، لا أحد يناديك به، سيتم تجريدك منه مع مرور الزمن دون أن تشعر؛ فوجبة الطعام على الرقم هذا، عملك اليومي عليه، تسجيل الحضور في الطابور الصباحي عليه، عقوبتك عليه، وكذلك إذا حصلت على كابونات إضافية فعليه أيضا، كل شيء متعلق فيه، دعك من هذا الهراء وأخبرني لماذا أتوا بكم هنا؟ - لا أعلم السبب بالضبط، لكن يبدو أن الكراهية التي كانت تبث على الراديوهات وتكتب في الجرائد ضد اليهود قد انتقلت إلى مرحلة التنفيذ. - يهودي، نعم شارتك الصفراء تؤكد ذلك. - حقا ما تقول؟ الشارة الصفراء ترمز لليهود؟! - نعم، هي كذلك، وأنا من شهود يهوا، وهذه الشارة ترمز إلينا عندهم. - إذن هذه الألوان تعني فصل المعتقلين عن بعضهم، كنت أحسبها تدل على سنين مكوث المعتقل وأنه يتدرج بالألوان فيها. - لا، ليست كذلك. - لكن لماذا هذه الألوان؟ ألم يسجل لديهم أنك من شهود يهوا وأنا من اليهود؟! هل هناك اختلاف بالتعامل مثلا؟ - لا يوجد اختلاف كبير في التعامل، لكن قسوتهم على المعارضين الألمان من الشيوعيين شديدة؛ إذ يرونهم الخطر الأكبر على الرايخ، أما البقية نحن وأنتم اليهود والغجر والمثليون جنسيا فالقسوة متشابهة إلى حد كبير.
تذكر مايكل حينها كلام المذيع في محطة الراديو المحرضة على كراهية اليهود، كان يظن أن النازية همها الوحيد هو التخلص من اليهود بأي وسيلة كانت، لكن اليوم رأى أن القضية أكبر من كونها يهودا فقط؛ فهنالك الكثير من الألمان أصحاب العرق النقي وطوائف متعددة غيرهم! - لكن لماذا تعتقلكم النازية؟ - إنها مسألة دينية مكسوة بالسياسة. - لم أفهم. - هنالك من يروننا خطرا على المسيحية في البلاد، وهذا الاختلاف الديني ليس مبررا للاعتقال؛ لذلك كسوها بالسياسة، وأن هذا التوجه خطر على مستقبل الرايخ الثالث، وهذا سبب ومبرر كبير للاعتقال هنا كما تعلم.
أومأ مايكل برأسه مؤيدا وعلى وجهه علامات الاستغراب. - المعذرة، أنا قد ولدت وعشت طفولتي وشبابي في ألمانيا، ولم أسمع بشهود يهوا يوما، هل هي طائفة باطنية أم إنها جديدة؟ - لا لسنا باطنيين، لكننا فئة من المكرسين أنفسهم لفعل إرادة الله بقيادة ابنه يسوع المسيح، نجمع رابطة الشهادة بأن الإله وحده «يهوا» هو المتسلط الأوحد والعلي المفرد في الكون، وأنه هو المبدع والخالق لحكومة البر والحق؛ الحكومة السماوية التي تسيطر على الأرض إلى الأبد، الحكومة التي علم يسوع المسيح تلاميذه أن يطلبوا مجيئها من عند الإله القدير. - إذن أنت مسيحي تؤمن بيسوع؟ - نعم نحن مسيحيون نؤمن أن يسوع هو السبيل إلى الخلاص؛ إذ «ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس، به ينبغي أن نخلص»، إلا أننا نختلف في عدة نواح عن باقي الفئات المسيحية .. مثلا نحن نؤمن بناء على الكتاب المقدس أن يسوع هو ابن الله، وليس أقنوما فيما يدعى الثالوث. ولا نؤمن بأن النفس خالدة أو أن الروح تبقى حية بعد الموت، وما من أساس في الأسفار المقدسة يجعلنا نعتقد أن الله يعذب الناس في جهنم إلى الأبد. - إذن يبدو أن هنالك دوافع من الطوائف المسيحية الأخرى ضدكم، وقد يكونون وراء هذا الحقد النازي عليكم. - الآن بدأت تفهم ما قلت لك، مسألة دينية مكسوة بالسياسة، طبعا هنالك بعض الكتابات الأرثوذكسية والكاثوليكية اتهمتنا أننا حركة مارقة عن المسيحية نتظاهر بالمسيحية والتمسك بالتقوى ونخفي السم الزعاف الذي يهدف إلى تدمير المسيحية كليا والقضاء عليها.
أثناء حديثهما أقبل معتقل آخر وضرب بكتف بيتر، وقال مازحا: أيها المبشر المعتوه، كفاك تفسد عقول السجناء، ألا يكفيهم هذا الجحيم؟ - إن كان يكفيك فربما لا يكفيهم، تعال واجلس معنا لأعرفك على النزيل الجديد. - أجلس معكم شريطة ألا تحدثنا عن يهوا، لقد صدعت رءوسنا من كثرة ذكرك إياه، وما أنت هنا إلا بسببه. - جحيم بسببه ولا جنة بغيره .. هذا مايكل يهودي من ميونخ.
مد يده إلى مايكل: أنا روبرت، أو بالأحرى 923.
ابتسم مايكل بوجهه: نفس إجابة بيتر. هل يعلمونكم هذه الإجابة هنا؟
Bilinmeyen sayfa