Soykırım: Toprak, Irk ve Tarih
جينوسايد: الأرض والعرق والتاريخ
Türler
لكنني أشهد الرب أن نيتي كانت الخير لهم، لقد بعت الحياة لأجل راحتهم، ودخلت المعارك والحروب، وعرضت نفسي للموت مرات ومرات من أجل أن يعيشوا بعزة وكرامة، قتلت بيدي هاتين كل من ظلمهم وأخذ حقهم وقتل أبناءهم، أبي هل هذا جزاء من أراد الخير لأمته وأفنى عمره في سبيلهم؟ هل هذا جزاؤه؟!
حاول غريغور أن يهدئه فسحبه إليه وضمه إلى صدره: - كفاك تقسو على نفسك وتحملها ما لا ذنب لها.
ثم وضع غريغور يده على جبين المختار وبدأ يردد: «بسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد .. أيها الإله العظيم الذي تعذبت على خشبة الصليب من أجل خطايانا، كن معنا يا يسوع المسيح بصليبك المقدس، ارحمنا، نجنا من كل أذى، نجنا من كل سلاح ماض، من كل خطيئة مميتة، أوصلنا إلى طريق الخلاص، نجنا من كل خطر جسدي أو روحي، كن تعزيتنا وقوينا على حمل الشدائد لأجل محبتك، زدنا إيمانا وثبتنا بمحبتك تعالى إلى الأبد. لصليبك يا سيدي نسجد، ولقيامتك المقدسة يا رب نمجد، بحق ميلادك العجيب ودمك الثمين وموتك على الصليب لأجل خطايانا، احفظنا، آمين، احفظنا يا يسوع لأنك قادر أن تقودنا إلى طريق الخلاص، واجعلنا نكون من مختاريك .. آمين.»
تحت ظل شجرة البلوط الوحيدة على سفح التلة وارى الثرى المختار تلمكيان بعيدا عن قريته، دفنه أرتين مع غريغور كما أراد دون شاهد أو اسم. كان أرتين يبكي بحرقة وهو ينثر التراب على جثمانه وكأنه يدفن كل آمال الأرمن بأرضهم وثورتهم إلى الأبد، حتى هبت ريح قوية أصدرت الشجرة حفيفا قويا وكأنها تحتفي بروح المختار وتستقبل رفيقها الأبدي.
الفصل السابع والأربعون
دير ياسين - فلسطين 1948م
امتلأت باحات الأقصى بالمشيعين، وكأن أهل القدس كلهم قد تجمعوا فيها، كانت الجنازة الخشبية المغطاة بالعلم بالفلسطيني قد وضع فوقها إكليل من الورود بشكل دائري تكريما للشهيد، يحملها على الأكتاف ستة رجال يتقدمهم ضابط ببزته العسكرية الرسمية، وعلى جانبي الجنازة صفوف من الجنود يرتدون زيهم العسكري الأخضر، وعلى رأسهم الغترة والعقال، وخلفها القادة والضباط وشخصيات القدس المعروفون، يمشون الهوينا مع حشد غفير من الناس الذين يكبرون ويهللون، أطلق الجنود الرصاص نحو السماء، بكت فلسطين شهيدها بعيون أبنائها ونعاها كما تنعى الأم وحيدها، ثم شيعوه إلى المصلى القبلي، ليصلوا عليه. لم تشهد القدس صلاة جنازة مثلها قط، اصطف الناس في الباحات والحدائق والطرقات وحتى البعض اعتلى الجدران لضيق المكان، ولأن الصلاة ليس فيها ركوع ولا سجود، لم يكن يفصل بين صف وآخر سوى شبر واحد، كانت مآذن الأقصى وجوامع القدس تصدح بالتكبيرات وأجراس الكنائس تدق بحزن على رحيله.
انتشر خبر استشهاد عبد القادر الحسيني وتشييعه المهيب كالنار في الهشيم، في كل أرجاء فلسطين. كان حسن في قرية عين كارم عندما سمع الخبر يحاول الوصول إلى القدس بعد تماثله للشفاء، لكن الطرق سدت، والمعارك كانت دائرة على أطراف القدس. - «لقد خسرت الثورة أعظم رجالاتها يا حسن.» قال أبو عثمان ذلك وهو يحوقل ويضرب كفا بكف.
هز حسن رأسه متأسفا، أدرك أن الأمور ستزداد سوءا بعد استشهاد الحسيني، استأذن منه ليتمشى قليلا في أزقة القرية، ويمرن ساقه على المشي. - «أمامنا أيام عصيبة يا أبا عثمان.» قال حسن ذلك وهو يبتعد منه. سار بين تلك البيوت المبنية من الأحجار الكلسية، ذات النوافذ الخشبية المقوسة النهايات والأبواب المحفوفة بقنطرة تتخلف قليلا كالمحراب عن واجهة البناء، تذكر حارات القدس ورائحة الياسمين، وصل قرب جامع القرية، اغترف بيده من ماء عين مريم البارد الذي يجري من خلاله فابترد به، ثم توجه إلى ساحة «الحرجة» حيث يتجمع رجال القرية وتجارها هناك يتبادلون أطراف الحديث وأخبار القتال الدائر في البلاد، والآمال المعهودة بجيش الإنقاذ العربي. لكن في ذلك اليوم كان الحزن والحداد والخيبة التي تعتلي الوجوه سيدة الموقف، خيبة أخرى من خيبات هذا الشعب المخذول دوما، تذكر حسن وجوه الرجال في مقهى الحي بعد خيانة أبي هشام.
اقترب منه أحد جنود جيش الإنقاذ العربي، ألقى السلام، ثم صافحه بحرارة وهو يقول: الحمد لله على سلامتك.
Bilinmeyen sayfa