General Yakup ve Şövalye Laskaris: Mısır'ın 1801'deki Bağımsızlık Projesi
الجنرال يعقوب والفارس لاسكاريس: ومشروع استقلال مصر في سنة ١٨٠١
Türler
6
ولو دام الاحتلال الفرنسي لاحتاط أشد الحيطة في كل ما له علاقة بالتفكير الديني من المسايل الاجتماعية وموضوعات البحث العلمي. فالحاكم الغربي يحب أن تكون قواعد الإنتاج الاقتصادي غربية صرفة؛ لأن هذه القواعد تزيد الإنتاج والزيادة مما يهمه. ولكنه يكره من المحكومين الشرقيين الانقلاب الاجتماعي والبحث العلمي الحر. وذلك لأسباب: منها حرصه على ألا يظهر للعامة في مظهر الهادم للعادات المشجع على التحرر من قواعد الدين، ومنها ظنه أن تلك الانقلابات لا بد وأن تؤدي في النهاية إلى الرغبة في الاستقلال، ومنها الميل إلى المحافظة على المظاهر الشرقية من قبيل الاحتفاظ باللطايف والتحف.
والمتأمل في أحوال الأمم الإسلامية في الوقت الحاضر يتحقق من صدق ما ذهبنا إليه، فإنه يجد أن أشد هذه الأمم تطرفا في الهدم والتغيير الأمة التركية العثمانية والأمة الفارسية، وهما الأمتان اللتان تخلصتا تخلصا تاما من حكم الغرب السياسي.
أما عن نظام الحكم فالمنتظر من الاحتلال الفرنسي - لو أن أيامه دامت - أن يبقى حكم القرى على ما عرفته مصر في عصورها المختلفة في أيدي العمد والمشايخ، وأن يعهد لفرنسيين في إدارة الأقاليم، وأن تسود المركزية الشديدة، وأن يبقى الفرنسيون على الدواوين التي أنشأها فعلا بونابرت ولم يرم بها إلى خلق النظام البرلماني كما توهم البعض، فبونابرت لم يكن ممن يعجبون به أو يرتضيه لفرنسا، دع عنك مصر. بل رمى بها إلى إنشاء وسايل تمكنه من الاتصال بالزعماء المصريين وتفهم ما يجري في نفوسهم وتفهمهم حقيقة مشروعاته ونواياه حتى لا يبقى مجال لدس الدساسين ولا لسوء الفهم.
7
هذا بعض ما نتصوره عن تطور الحكم الفرنسي في مصر لو استقام للفرنسيين أمرها. وليس هذا التصور مما يخلو من الفايدة التاريخية أو مما لا يقوم على أساس من الواقع. فأكثره مستمد مما كتبه بونابرت
8
وغيره من نواياهم ومما شرعوا في تحقيقه فعلا ومما رأيناه من طرق الحكم الفرنسي في غير مصر من الأقطار الإسلامية، لكن من الزمن لم يتسع لتحقيق ما صورناه. ووجد القواد الثلاثة الذين تعاقبوا على حكم مصر - بونابرت وكليبر ومينو - أنفسهم مضطرين لتوجيه كل جهدهم للتغلب على الأخطار الداخلية والخارجية المحدقة بجيشهم وحكمهم. ولم يكن ما قام به أولهم بونابرت وثالثهم مينو من التجارب الإدارية الأداة الحقيقية لحكم البلاد، ولم تتغير في أيامهم كلها طرق الجباية ولا الضرايب ولا العمال، بل ظلت كما كانت أيام المماليك. ولذلك لم تكن الأعوام الثلاثة التي قضاها الفرنسيون في حكم مصر عهدا سعيدا لسكانها. حقيقة إن المصريين اعتادوا قبل قدومهم الانقلابات السياسية: اعتادها أهل الريف وأهل الحواضر، وعرفها بصفة خاصة أهل القاهرة. وكانت الانقلابات التي عرفوها مما يصحبه الشيء الكثير من اختلال الأمن وضروب العنف والتعسف وإعادة الطلب عليهم فيما أدوه من الضرايب والمغارم. إلا أن هذه الانقلابات كلها كانت على نمط واحد، لا يأتي واحد منها بجديد ولا يصطدم بمألوف لديهم: فمثلا يتغلب «علي الكبير» على خصومه ويحكم البلاد كما حكمها خصومه، ثم يتغلب عليه أبو الذهب ويحكم كما حكم علي، وهكذا دواليك.
ولم يكن للمصريين من نصيب في هذه الانقلابات إلا عمال الإدارة المالية من الأقباط ورؤساء القبايل العربية والشيوخ من العلماء: فالفريق الأول بحكم اضطرار الأمراء جميعا لاستخدامه، يعمل للمنتصرين كما عمل للمنهزمين. ورؤساء العربان بسبب قوتهم الحربية قد يرجحون كفة طايفة من الأمراء على كفة خصومها. والشيوخ العلماء بحكم تصدرهم ونفوذهم في الناس وتحليهم بصفات الفضل والاعتدال، يلجأ إليهم الناس للوساطة في رفع الحيف إذا ضاقوا به ذرعا. وقد يحتكم إليهم المتخاصمون من الأمراء. وكان تدخل الشيوخ عادة لرفع الضيم وإحلال الويام محل الخصام أو للتخفيف من عنف الانقلابات.
أما الحكم الفرنسي فكان انقلابا من نوع لم يعرفه المصريون. إذ لما زال حكم مراد وإبراهيم حل محلهما بونابرت ولم يكن مسلما ولا مملوكا. ومهما قيل في قلة تدين الفرنسيين في تلك فهم غير مسلمين قد تصل بهم الضرورة الحربية أو ما ظنوه الضرورة الحربية إلى انتهاك الحرمات الإسلامية.
Bilinmeyen sayfa