Rodos Adası: Coğrafyası, Tarihi ve Eserleri, Ardından Ege Denizi'ndeki Diğer Ünlü Adalar Hakkında Tarihi Bir Özet
جزيرة رودس: جغرافيتها وتاريخها وآثارها، تليها خلاصة تاريخية عن أشهر جزائر بحر إيجه
Türler
هذه خلاصة ما عرف إلى الآن عن أولئك القوم، وليس هناك دليل قاطع على أنهم أول من استعمر بلاد اليونان، فربما خلت من قبلهم أمم درست آثارها لتقادم عهدها، وانقطعت عنا أسباب العلم بأخبارها، وقد تعاقب على بلاد اليونان بعد البلاسجة طوائف شتى، أشهرها الهيلين والإخائيون والأيوليون والدوريون واليونيون. وفي سنة 1643ق.م وفد إليها سكروبس المصري مع جالية من المصريين وأسس مدينة أثينا واثنتي عشرة مدينة أخرى من بلاد اليونان، وسن الشرائع ووضع نظاما للزواج، وأنشأ محكمة الأريوباغوس، وعلم أهل البلاد فلاحة الأرض، وفي سنة 1550ق .م أو نحوها نزل بها قدموس الفينيقي مع جماعة من الفينيقيين وأسس مدينة طيبة اليونانية ونشر العلوم في سائر بلاد اليونان، أما الفينيقيون فهم من الأمم المتوغلة في القدم، وقد عاصروا المصريين والآشوريين والبابليين في العصور السابقة للتاريخ، كما تدل على ذلك آثارهم، وفاقوا أهل الأرض في سلك البحار وإنشاء السفن، وكان لهم مستعمرات في جميع الأقطار، وأكثر الجزائر منها جزيرة رودس، وهم الذين نقلوا حروف الكتابة إلى بلاد اليونان، ومنها انتشرت في سائر البلاد، فإن الحروف اللاتينية التي هي حروف أكثر لغات أوروبا مأخوذة من الحروف اليونانية المشتقة من القلم الفينيقي، وهو مستنبط من القلم المصري (الهيراتي). وخلاصة القول أن الفينيقيين كانوا هداة الأمم ورسل الحضارة في العصور الأولى، بما نشروه من العلوم التي اقتبسوا أنوارها في طيبة وممفيس وبابل وآشور، كما كان العرب أول من قام في القرون الوسطى بإحياء علوم اليونان والرومان ورفع منارها في آفاق أوروبا بعد أن سحب الدهر عليها ذيل العفاء، وتوالت عليها القرون وهي في طي الخفاء.
ولنعد إلى الكلام على جزيرة رودس، فنقول إن أول من استعمرها - على ما رواه أكثر المؤرخين - التلخينيون، وكان مقرهم في ياليسوس إحدى مدنها القديمة، وكان اسمها وقتئذ «أفيوزا» (جزيرة الحيات)، فسموها «تلخينا» نسبة إليهم، وقيل إن أول من استعمرها الفينيقيون. ومن الأمم التي استوطنت هذه الجزيرة في العصور الخالية الدوريون والميسنليون، وقد دلت المباحث الأركيولوجية الحديثة على أن الدوريين استوطنوها قبل المسيح بنحو ألف سنة، وأنه كانت تسكنها من قبل طوائف أخرى كالتلخينيين والفينيقيين. ولعل الفينيقيين أتوا بعد التلخينيين واستعمروا «كاميروس» من مدنها القديمة، بدليل ما وجد من آثارهم في أطلال هذه المدينة، وأشهر مدن رودس القديمة ياليسوس وكاميروس ولندوس، وأقدمها ياليسوس وتليها كاميروس، وقد عفت آثارهما ودرست معالمهما، أما لندوس فباقية آثارها إلى الآن، وسيأتي الكلام عليها، وبالجملة فإن تاريخ رودس في تلك العصور تغشاه الظنون والأوهام.
أمثلة من نقود المدن القديمة.
والمحقق في التاريخ أن الفرس افتتحوها سنة 616ق.م ثم دخلت في حوزة أثينا بعد حرب انتصرت فيها على الفرس، وفي أوائل القرن الخامس ق.م أسست مدينة رودس، وقد وضع رسمها المهندس الشهير أيبودامس، واتحد وقتئذ أهل المدن الثلاث وصاروا يدا واحدة لدفع غائلة من عساه أن يسطو عليهم من الأجانب، ولم يشعروا بالحاجة إلى الوحدة إلا بعد أن أغار عليهم الفرس ثم اليونان، فاشتد ساعدهم وقويت عصبيتهم وارتقوا في معارج المدنية والعمران، وقد أصبحت مدينة رودس في ذلك العصر من المدن العظيمة، وكان محيطها نحو 15 كيلومترا، أوسع مما هو الآن، ولها حصون منيعة، تعلوها القلاع والأبراج المشيدة، وفيها الهياكل والتماثيل. قيل إن عدد التماثيل بلغ نحو 3000 تمثال، عدا ما كان فيها من دور الكتب والمراصد الفلكية، والمدارس التي كان يقصدها الطلاب من جميع الأقطار، وروي أن كثيرا من الكتب النفيسة التي كانت في مكتبة الإسكندرية نقلت إليها من رودس في عهد بطلميوس فيلادلفوس، وأن الإمبراطور طيباريوس الذي اشتهر بحبه للعلم وفد إليها لاقتباس أنوار علومها، وقد نبغ فيها طائفة كبيرة من الفلاسفة والعلماء والشعراء والمؤرخين والأبطال، فمن الفلاسفة كليوبولوس وهو أحد حكماء اليونان السبعة الذين هم أساطين الفلسفة، وقبره في لندوس إحدى المدن القديمة التي مر ذكرها، ومن كبار الفلاسفة بانيتيوس، وله مصنف جليل في «واجبات الإنسان»، ومن الشعراء بيساندروس وإزيتومينوس وهيرونيموس وانتاغوراس وسيمياس، ومن العلماء جيمينوس وليونيداس وبوسيدونيوس صاحب المصنفات المفيدة في العلوم الرياضية والطبيعية والفلك، ومن أئمة اللغة والأدب أبولونيوس وأريستوكليس وأسكينوس الذي أسس مدرسة جامعة في رودس، وهي التي اشتهر اسمها وذاع ذكرها ورحل إليها كبار العلماء والفلاسفة والعظماء لاجتناء ثمار علومها، مثل شيشرون وبروتوس وبومبيوس وكاسيوس، ومن المؤرخين أفاغوراس وهو من لندوس وكليتوفون وأوديموس وأرغاس، وله تاريخ كبير عن الفينيقيين، وكاستور صاحب المؤلفات الجليلة عن مصر وبابل، ودنيس وله مصنفات عدة، أشهرها المقدمة في التاريخ، وهي في عشرة أجزاء، ومن واضعي الروايات أنتياس وأنتيفانوس وأنكاندروس، ونبغ في التصوير والحفر عدد كبير بعضهم من أبناء الجزيرة، والبعض ممن تلقوا فيها الفنون وتوطنوها، منهم بروتوجينوس المصور الشهير، وقد أنشأ في رودس مدرسة لتعليم الرسم والتصوير، وأبولونيوس واجيزندروس وهما من كبار الحفارين، وفي متحفي روما ونابولي تماثيل كثيرة من عملهما، وهي غاية في الإبداع والإتقان، وليسيبوس ومن أعماله مركبة بديعة أهداها إلى أبولون إله الشمس، وكانت في الهيكل الذي شيد له في رودس، وأشهرهم خارس ولاخس، وهما اللذان صنعا التمثال الهائل المعروف بصنم رودس، وسيأتي الكلام عليه. ومن أبدع ما صنعه أهل رودس الجياد الأربعة التي في مدخل كنيسة القديس مرقس في البندقية وهي من النحاس. ومن الأبطال الذين أحرزوا القدح المعلى في الفروسية والألعاب الرياضية دياغوراس، وهو الذي امتدحه بندار الشاعر الكبير. واشتهر أهل رودس في النسيج الموشى وصناعة القاشاني والأواني الخزفية، وطليها بالمينا ونشقها بألوان بديعة، وقد أهدى صاحب المآثر الجليلة الأمير يوسف كمال إلى دار الآثار العربية مجموعة كبيرة من هذه النفائس والآثار الثمينة.
وكان لرودس تجارة واسعة ومستعمرات في جميع الأقطار، أشهرها مستعمرات إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وصقلية وهاليكارناس (بودروم) وكيليكية (أطنة)، وكانت قوانين هذه الجزيرة أحكم وأوفى قوانين سائر الدول، وخاصة قانونها البحري، وكثير من أحكام الشريعة الرومانية مستنبط من تلك القوانين، وأول من اقتبسها الإمبراطور طيباريوس، وتابعة في ذلك الإمبراطور تراجانوس بعد موافقة المجلس الأعلى (السناتو).
قضت هذه الجزيرة دهرا وهي ترفل في مطارف العز والسؤدد، وتخفق على ربوعها أعلام الأمن والحرية، ثم سرت فيها عوامل الفتن والشقاق، فانقسم أهلها فريقين أحدهما انحاز لإسبرطة والآخر لأثينا وتحاربا، ولما حمل إسكندر المقدوني على آسيا، كانت رودس في جملة ما دخل في حوزته، ثم استقلت بعد موته، ولكنها كانت مطمحا للأنظار وهدفا لسهام المطامع بسبب موقعها الجغرافي، فتنافست الدول في محالفتها أو محاربتها. وأهم ما وقع فيها من الحوادث في ذلك العصر حصار ديمتريوس ملك مقدونية الملقب ببليورسيتوس أي فاتح المدن أو الغازي، وهو ابن أنتيغون أحد قواد الإسكندر وخلفائه، وسبب ذلك أنه أراد أن يستنجدها ويستعين بسفنها على محاربة بطلميوس ملك مصر، فأبت فزحف عليها سنة 35ق.م بأسطول عظيم مؤلف من 200 بارجة و260 سفينة كبيرة لنقل الذخائر والمؤنة، عدا السفن الصغيرة وعددها حسب رواية ديودوروس الصقلي نحو 1000 سفينة. و40000 راجل غير الفرسان والمتطوعين، فحاصرها مدة 12 شهرا، ولم يقو على فتحها، وقد أمدها وقتئذ صاحب مصر بالمال والجند والذخائر، وانتهت الحرب بعقد الصلح، فترك ديمتريوس لأهل رودس جميع الآلات والعدد الحربية إقرارا ببسالتهم وثباتهم، فباعوها وأنفقوا ثمنها في عمل تمثال عظيم يخلد به ذكر هذا الانتصار وهو المشهور بصنم رودس. وذكر المؤرخون أن ثمن هذه الآلات والعدد الحربية بلغ مليون وثمانمائة ألف إفرنك، وكان هذا الصنم مصنوعا من الصفر أو الشبه (البرونز) على صورة هليوس (إله الشمس)، وهو من عمل خارس الشهير وتلميذه لاخس اللذين تقدم ذكرهما، قيل إنهما قضيا 12 سنة في عمله، وقد اختلف المؤرخون في صفته والمكان الذي كان قائما عليه، وذكروا أنه كان هائل الحجم طوله نحو 32 مترا، وروى بعضهم أنه نصب عند مدخل الجزيرة واقفا متباعد الساقين تمر السفن بينهما، وفي إحدى يديه مصباح يهتدى به ليلا، كما تراه ممثلا في الشكل الآتي، وهو أحد الآثار التي عدها القدماء من عجائب الدنيا السبع وهي (1) أهرام مصر. (2) حدائق الملكة سميراميس في بابل. (3) تمثال زفس نحت فيدياس الشهير. (4) ضريح الملك موزوليوس. (5) منارة الإسكندرية. (6) صنم رودس. (7) هيكل أرطميس (ديانا) في أفسس. وقد سطت عوادي الدهر على هذه الآثار العجيبة فأبادتها، ولم يبق منها غير الأهرام التي قيل فيها:
بناء يخاف الدهر منه وكل ما
على ظاهر الدنيا يخاف من الدهر
وفي سنة 222ق.م انتابت رودس زلزلة شديدة قوضت مبانيها وسقط صنمها الكبير وتحطم، فتسابقت الدول وقتئذ إلى نجدتها وأوفدت إليها المهندسين والصناع، فأصلحوا ما تهدم ورأبوا ما تصدع من مبانيها، وأعادوا الأصنام إلى مكانها ما عدا الكبير، فإنهم تركوه وبقيت كسارته إلى زمن معاوية بن أبي سفيان الذي فتح الجزيرة سنة 653م، فنقلت وقتئذ إلى «صور» وبيعت من تاجر إسرائيلي من حماة، قيل إنه نقلها إلى بلده على تسعمائة جمل، وقد عادت رودس بعد هذه النكبة إلى ما كانت عليه من العز والسؤدد، وكانت سفنها الحربية من أشهر السفن، ولم تهزم لها راية في جميع الحروب التي نشبت بينها وبين أكبر الممالك في ذلك العصر، وكانت عونا للمملكة الرومانية في كثير من الحروب، وفي سنة 22ق.م فرضت الدولة البيزنطية ضريبة على السفن التي تمر من البوسفور، فأسخط ذلك أهل رودس؛ لأنه يضر بتجارتهم، فأشهروا الحرب على هذه الدولة وانتصروا عليها، وبعد ذلك وقعت بينهم وبين فيلبس الثالث ملك مقدونية عدة حروب بين سنة 205 و200ق.م وانتهت بانتصارهم عليه.
صنم رودس.
Bilinmeyen sayfa