قال: بل أتم صواب؛ لأنها رسمت تماما بحيث يصبح كل رجل وكل امرأة وكل طفل فوق هذه الجزيرة الساحرة على أتم ما يمكن أن يكون حرا وسعيدا.
وصاحت الراني: ولكنها السعادة الزائفة، وحرية «النفس الدنيا».
وقال السفير وقد انحنى كما يملي عليه الواجب: إنني أنحني لبعد نظرك الثاقب يا صاحبة السمو. ولكن السعادة مع ذلك هي السعادة زائفة أو صحيحة، والحرية ممتعة للغاية علا مستواها أو هبط. وليس من شك في أن السياسة التي شرعها المصلحون الأولون والتي تطورت مع مرور السنين كانت ملائمة - بصورة تدعو للإعجاب - لتحقيق هذين الهدفين.
وقال ويل: وهل تحس أن هذين الهدفين غير مستحبين؟ - بل على العكس من ذلك، كل امرئ يحبهما، ولكنهما لسوء الحظ لم يعودوا مناسبين، وقد باتا غير متلائمين بتاتا مع الموقف الراهن في العالم بعامة وفي بالا بخاصة. - وهل هما اليوم أشد تنافرا مع الظروف مما كانا عليه عندما بدأ المصلحون يعملون على توفير الحرية والسعادة؟
وأومأ السفير برأسه إيجابا وقال: في تلك الأيام كانت بالا ما تزال مختفية في خريطة العالم، فكانت فكرة تحويلها إلى واحة من الحرية والسعادة أمرا معقولا. إن المجتمع المثالي يمكن أن يعيش ما دام منقطع الصلة عن بقية العالم. ولقد كانت بالا قابلة تماما للحياة حتى عام 1905م. ولكن الدنيا تغيرت تماما بعد ذلك في أقل من جيل واحد. الصور المتحركة، والعربات، والطائرات، والراديو، والإنتاج الكبير، والمذابح الكبرى، والاتصال الجماهيري، وفوق هذا كله مجرد الضخامة؛ تزايد السكان في أحياء الفقراء وفي الضواحي التي أخذت تتضخم وتتزايد، وما إن حل عام 1930م حتى كان بمستطاع أي مشاهد ثاقب النظر أن يرى الحرية والسعادة أمرين لا يتحققان لثلاثة أرباع الجنس البشري. والآن وبعد مرور ثلاثين سنة أخرى أصبحا أبعد عن إمكان التحقيق. ثم إن العالم الخارجي قد أخذ يقترب من هذه الجزيرة الصغيرة، جزيرة الحرية والسعادة. أخذ يقترب باطراد وفي غير تراخ. وما كان مثاليا قابلا للحياة لم يعد اليوم كذلك. - ولذلك وجب أن تتغير بالا، هل هذا هو ما توصلت إليه؟
وطأطأ باهو رأسه وقال: تتغير تغيرا جذريا.
وقالت الراني بحماسة المتنبئ السادي: تتغير جذورا وفروعا.
وواصل باهو حديثه قائلا: وذلك لسببين مقنعين، أولهما أنه ليس بالإمكان لبالا أن تبقى مختلفة عن بقية العالم، وثانيهما أنه ليس من حقها أن تختلف. - ليس من حق الناس أن يكونوا أحرارا وسعداء؟
ومرة أخرى قالت الراني شيئا موحيا عن السعادة الزائفة والحرية الباطلة.
وتقبل مستر باهو مقاطعتها باحترام، ثم نظر إلى ويل.
Bilinmeyen sayfa