قال: تستطيع أن تقضي شهرا هنا. وسأكون مسئولا عنك مسئولية كاملة، وسوف نبذل جهدنا لكي نطلعك على كل شيء. - أشكرك شكرا جزيلا.
قال الدكتور روبرت: حينما تشك اعمل دائما على فرض أن الناس أكثر شرفا مما تظن بناء على أسباب ملموسة. هذه النصيحة أسداها إلي راجا العجوز حينما كنت شابا والتفت إلى سوزيلا وقال لها: خبريني، كم كان عمرك عندما مات راجا العجوز؟ - ثمانية أعوام تماما. - وإذن فأنت تذكرينه جيدا.
وضحكت سوزيلا: وهل يمكن لأحد أن ينسى الطريقة التي كان يتحدث بها عن نفسه مؤكدا بها ذاته فوق كل شيء يا له من رجل عزيز على نفسي. - ويا له من رجل عظيم!
ونهض الدكتور ماك فيل واتجه نحو خزانة الكتب التي كانت قائمة بين الباب ودولاب الملابس، واستل من رفها الأسفل ألبوم صور سميك أحمر. وقد تهلهل من أثر الجو الاستوائي ومن أكل الحشرات. وقال وهو يقلب صفحاته: له صورة هنا في مكان ما. ها هي ذي.
ونظر ويل إلى الصورة الباهتة، وهي صورة هندوكي ضئيل عجوز بنظارة ومئزر، يفرغ محتويات صحن فضي كثير الزخرفة فوق عمود قصير سميك.
سأل: ماذا يفعل؟
أجاب الدكتور: إنه يصب الزيت المقدس فوق رمز للجنس، وهي عادة لم يستطع أبي المسكين أن يصرفه عنها. - وهل كان أبوك لا يرضى عن الأعضاء الجنسية؟
قال الدكتور ماك فيل: كلا، كلا، بل كان يحبذها، وإنما كان لا يرضى عن الرمز. - ولماذا الرمز؟ - لأنه كان يعتقد أن الناس لا بد أن يأخذوا دينهم بطريق مباشر. إن كنت تفهم ما أعني، بغير تنقيح أو تحريف. ولم يكن يحب أن تصاغ العقيدة في عبارات لاهوتية أو في شعائر أو طقوس. - وكان الراجا يميل إلى مثل هذه العبارات وهذه الطقوس؟ - ليس بوجه عام، ولكن في هذا الموضوع بالذات، كان يرتبط بصفة خاصة بهذا الرمز الجنسي للأسرة. وقد صنع من البازلت الأسود، ويبلغ من العمر ثمانمائة عام على الأقل.
قال ويل فارنبي: لقد فهمت. - يصب فوقه الزيت؛ كان هذا عنده نوعا من العبادة التي تعبر عن عاطفة جميلة نحو فكرة سامية. ولكن حتى أسمى الأفكار تختلف اختلافا بينا عن اللغز الكوني الذي تمثله. والعواطف الجميلة التي ترتبط بالأفكار السامية إذن ليس بينها وبين التجربة المباشرة من اللغز الكوني عنصر مشترك. بتاتا. ولست في حاجة إلى أن أذكر لك أن الراجا العجوز كان يعلم ذلك حق العلم، أكثر مما كان يعلمه أبي . لقد شرب اللبن من ضرع البقرة رأسا، بل لقد كان هو واللبن شيئا واحدا. بيد أن مسح رمز التناسل بالزيت كان عملا مقدسا لم يحتمل أن يتخلى عنه. ولست في حاجة إلى أن أقول لك إنه ما كان ينبغي لأحد أن يطلب إليه أن يتخلى عنه. وإذا كان الأمر يتعلق بالرموز فإن أبي يكون دائما من المتزمتين، وعلى خلاف مع جيته كان مثله الأعلى العلم التجريبي البحت في طرف والتصوف التجريبي البحت في طرف آخر من الطيف. الخبرة المباشرة على كل مستوى، ثم التعبير الواضح العقلي عن هذه الخبرات. رمز الجنس، الصليب، الزيت، الماء المقدس، الحكم البوذية، التماثيل، الأناشيد؛ كم كان يود أن يلغيها جميعا.
وسأل ويل: وأين كان موقع الفنون؟
Bilinmeyen sayfa