بالدلائل النظرية فال المتأمل: هذه مسألة وجدتها في الأثر، يقال لهم: أتقولون إن الله قادر على أن يقسم الجوهر أم لا؟
فإن قالوا: لا، فقد عجزوا الله تعالى، وإن قالوا: نعم، فقد خرقوا الإجماع.
الجواب: أتقولون إن الله قادر على أن لا يقسم الجوهر أم لا، فإن قالوا لا فقد عجزوه وإن قالوا نعم خرقوا الإجماع.
وجواب آخر: يقال لهم إن المسألة محال لأن الله لا يوصف بالقدرة على محال.
مثال ذلك، أنه لو قال قائل إن الله قادر أن يخلق مثله!! فإن قال لا، فقد عجزه، وإن قال نعم، فقد كفى، فهذا أثر وجدناه. وعند المذاكرة أسندنا لم نختلقه من أنسنا ولم نفتعله من حسنا، بل لما وجدناه في الأثر وشهد بصحته عندنا صحيح النظر، حكمنا به عند المذكرة، واحتججنا به عند الناظرة، فبلغنا أن المنازع لنا حين رفع إليه، بادر إلى تضعيفه والطعن فيه، وذلك يدل على جهله بحقيقة القدرة والمقدور، فوقع في الخطأ بخلافه للمسلمين من حيث أراد المدح لله، كما أخطأت القدرية في نفيهم خلق الله لأفعال العباد، وإرادته لها، والقدرة له عليها، من حيث أرادوا تنزه الله.
ثم لم يرض هذا المنازع لنا لنفسه بالخطأ من وجه حتى اقتحم إلى وجه أوحش منه مما وافق فيه الأزارقة لأنه أوجب على الحاكم باستحالة هذه المسألة بالشرك بالله، كما حكمت الخوارج بتشريك من خالقهم من أهل القبلة في الهجرة، وما أشبهها عندهم فواعجبا ممن أخذ هذا!! وأين وجده؟ وليت شعري من حمله عليه!! وإلى من يسنده ويستبين وجه موافقته لها من الفرقتين عند الفراغ من إيضاح ما قلناه ، وبيان فساد قول من نازعنا فيها أصلناه، والله القوى المعين وهو الهادي إلى الرشد واليقين وبالله التوفيق.
تفسير المسألة: أما قوله فإن قالوا لا فقد عجزوه فلأنهم [47] إذا قالوا إنه لا يقدر ذلك، فقد ائبتوا له العجز عنه، لأن كل شيء ثبت أنه مقدور عليه، ثم وصف أحد بأنه لا يقدر عليه فقد وصف بالعجز عما عليه يقدر، وهذا واضح إن شاء الله.
Sayfa 62