مثال ذلك أن يقول السائل: كم أساطين المسجد الحرام؟ ففي كم معنيان استفهام عن عدد، وفي أساطين لفظ مخبر عنه يتصف بالتعدد ومتى لم يكن الحكم المطلوب من أخبار المستخبر عنه بطل أن يكون صحيحا، كما لو قالوا: أيحب أساطين المسجد الحرام؟ لكان سؤالا محالا متنافيا فاسدا، لأن الأساطين لا يتصف بالوجوب إذ هي أجسام والأجسام لا يخبر عنها بالوجوب وإنما يخبر عن الأعراض، فان اخبر عن الأجسام بالوجوب فانه مجاز وفي الحقيقة راجع إلى الفعل بها والله أعلم.
وإنما سمى هذا سؤال لدخول الاستفهام فيه، وسمى محالا لاستحالة آخره عن مقتضى أوله، لأنه حين قال: أيجب، وجب أن يذكر الأعراض فلما أن ذكر الأجسام وأول لفظه يقتضي الأعراض استحال فسمى محالا، وسمى هذا الضرب فاسدا ومتنافيا متناقضا من هذا المعنى وسيأتي بيانه في هذا الباب إن شاء الله.
الباب الخامس
باب بيان السؤال وأقسامه وصفة صروفه وأحكامه
فالسؤال ينقسم على ثلاثة أقسام:
فسؤال صحيح ن سؤال فاسد، سؤال محتمل.
فأما السؤال الصحيح فحده الاستخبار عن خبر ممكن، فالجواب عنه واجب على مقتضى استفهامه وهذا لا خلاف فيه ولا منا كرة فيحتاج إلى شرح [10] ومناظرة وهو ملا يحصى وقد قدمنا من ذكره ما يكتفي بفهمه إن شاء الله.
على أنا لو أخذنا في بسط وجوهه وبيات معانيه وأجوبته المقتضاة بحروفه لا حتجنا إلى كثرة القرطاس ولم نا من فيه ملل الناس.
مسألة: وأما السؤال الفاسد فهو الذي لا مطابقة بين خبره المطلوب والمخبر عنه وحده الاستفهام عن خبر غير ممكن وجحد (1) هذا الجنس على قلة استعماله ومع العيار. (2)
مثال ذلك: أن يقول القائل: الثوب النجس من غير ملاقاة نجاسة تجوز به الصلاة أم لا؟
ابنا عم أحدهما أخ خالص لأب: كيف الميراث بينهما؟
زوجة وأبوان وزوج .. كيف القسم بينهم؟
وهذا عين المحال، كما قلنا إن المحال ما المحال ما لا يكون، وهذا ما لا يكون.
Sayfa 17