الكثير من الفقه عن العلم صالح البُلْقينيّ، ومن جملة ذلك في "الروضة"، و"المنهاج"، وبعض "التدريب" لوالده، و"التكملة" التي له، وسمع دروسًا من "شرح الحاوي" لابن الملقن على شيخه، وكذا من التفسير والعروض.
وحضر تقسيم "البَهْجَة" بتمامه عند الشرف المُناوي، وتقسيم "المهذَّب" أو غالبه عند الزين البُوتَيْجيّ، وتردّد إليه في الفرائض وغيرها. بل أخذ طرفًا من الفرائض والحساب والميقات وغيرها عن الشهاب بن المجدي، وقرأ الأصول على الكمال ابن إمام الكامليّة، قرأ عليه غالب "شرحه الصغير على البيضاويّ"، وسمع غير ذلك من فقه وغيره، وقرأ على غيره في "متن البيضاوي"، وحضر كثيرًا من دروس التقي الشُّمُنِّي في الأصلين والمعاني والبيان والتفسير، وعليه قرأ شرحه نظم والده لـ "النُّخْبة" مع شرح أبيه لها، بل أخذ عن العز عبد السَّلام البغدادي في العربية والصَّرف والمنطق وغيرها، وكذا أخذ دروسًا كثيرة عن الأمين الأقصرائي وكثيرًا من التَّفسير وغيره عن السعد بن الديري، ومن "شرح ألفيَّة العراقي" عن الزَّين السّندبيسيّ، بل قرأ الشّرح بتمامه على الزَّين قاسم الحنفي، وأخذ قطعة من "القاموس في اللُّغة" تحريرًا وإتقانًا مع المحبّ بن الشّحنة. وكتب يسيرًا على شيخ الكتاب الزين عبد الرحمن بن الصَّائغ، ثم ترك لِمَا رأى عنده من كثرة اللَّغط، ولزم الشَّمس الطَّنتَدائيّ الحنفي أمام مجلس البيبرسيَّة فيها أيامًا.
وقبل ذلك كلِّه سمع مع والده ليلًا الكثيرَ من الحديث على شيخه إمام الأئمة الشِّهاب ابن حَجَر، فكان أوَّل ما وقف عليه من ذلك في سنة ثمانٍ وثلاثين، وأوقع اللَّه في قلبه صحبته، فلازم مجلسه، وعادت عليه بركتُه في هذا الشّأن الذي باد جمالُه، وحادَ عن السَّنن المعتبر عمَّالُه، فأقبل عليه بكلِّيته إقبالًا يزيد على الوصف، بحيث تقلَّل ممَّا عداه، لقول الحافظ الخطيب: "إنَّه علمٌ لا يعلق إلا بمن قَصَر نفسَه عليه، ولم يضمّ غيرَه من الفنون إليه". وقول إمامنا الشّافعي لبعض أصحابه: "أتريد أن تجمعَ بين الفقه والحديث؟ هيهات"!
مقدمة / 12