وَقَالَ: ﴿إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ﴾ [طه: ٧١] .
وَكَذَلِكَ قَالُوا عَنِ الْمَسِيحِ ابْنِ مَرْيَمَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ﴾ [الصف: ٦] .
وَذَكَرَ تَعَالَى عَنِ الْيَهُودِ أَنَّهُمْ قَالُوا عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا، فَقَوْلُ الْيَهُودِ فِي الْمَسِيحِ مِنْ جِنْسِ أَقْوَالِ الْكُفَّارِ فِي الْأَنْبِيَاءِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ كُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ مُحَمَّدٍ ﷺ تَسْلِيمًا.
[الرَّدُّ عَلَى دَعْوَى قَصْرِ الرِّسَالَةِ عَلَى الْعَرَبِ]
فَإِذَا عُلِمَ هَذَا فَنَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَنْ قَالَ إِنَّهُ رَسُولٌ أُرْسِلَ إِلَى الْعَرَبِ الْجَاهِلِيَّةِ دُونَ أَهْلِ الْكِتَابِ:
إِنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ بِالضَّرُورَةِ لِكُلِّ مَنْ عُلِمَ أَحْوَالُهُ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ تَوَاتُرًا مِمَّا يُنْقَلُ عَنْ مُوسَى وَعِيسَى وَغَيْرِهِمَا، وَبِالْقُرْآنِ الْمُتَوَاتِرِ عَنْهُ، وَسُنَّتِهِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَنْهُ، وَسُنَّةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِهِ، أَنَّهُ ﷺ ذَكَرَ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَى أَهْلِ الْكِتَابِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، كَمَا ذَكَرَ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَى الْأُمِّيِّينَ، بَلْ ذَكَرَ أَنَّهُ أُرْسِلَ إِلَى جَمِيعِ بَنِي آدَمَ عَرَبِهِمْ، وَعَجَمِهِمْ مِنَ الرُّومِ، وَالْفُرْسِ