وفي ذلك ما يروى عن النبي صلى الله عليه وعلى آله: أنه دخل على عائشة، فوجد عندها تمرا، فقال : (( من أين لكم هذا؟ قالت يا رسول الله صدقة تصدق بها على بريرة(1)، فقال: هو عليها صدقة، ولنا منها هدية، فقدمته بريرة إليه فأكل منه )) .
فعلى هذا الباب قولنا به في هدايا المسلمين، إلى آل رسول رب العالمين، مما جعله الله للمسلمين حلالا من صدقات إخوانهم المؤمنين.
فافهم هديت ما عنه سألت، وقف على هذه الوجوه فقد أكملت لك فيها كل ما طلبت، مما يجوز لآل رسول الله صلى الله عليه من صدقات المسلمين، وأوساخ أيدي المتصدقين، وأعلمتك بأي سبب يحل لهم، وفسرت لك متى يجوز لهم به أكلها، والمعنى الذي يدخل في ذلك حتى يحل لهم من بعده.
[تصرف الأئمة في قسمة الأعشار وغيرها إعطاء ومنعا]
وسالت عن المعنى الذي يجوز لهم(2) به قسم الزكاة على أصنافها، وتسليم ربعها إلى الفقراء والمساكين، وقلت: كيف كنت في أول الأمر تقسم ذلك على أهله، وأنت اليوم ربما قسمت، وربما لم تقسم، وربما أعطيت، وربما لم تعط ؟ فقد تكلم بعض من تكلم، ورأيتهم ينكرون عليك في بعض الأوقات إذا لم تقسم.
وقد سألت فافهم (3)، وإذا فهمت فاعلم، أن من لم يعرف شيئا أنكره، ومن لم يعرف حقيقة أمر عظمه.
أما علمت إن جهلوا، وفهمت إن غفلوا: أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أن أتاه مال من البحرين، يقال: إنه ثمانون ألف أوقية من أعشار البحرين ومن جزية ذمتها، ومن صواف كثيرة كانت بها؛ فقسم الثمانين ألفا(4) في مجلسه على جلسائه، يعطيهم غرفا غرفا، وكفا كفا، حتى لم يبق من ذلك شيء؟ وذلك أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم علم أن ذلك أصلح للإسلام في ذلك الوقت، من القسم على السهام الثمانية.
Sayfa 771