بسم الله الرحمن الرحيم
وبه استعين
الحمد لله الذي جعل هذا اللسان. نورا للاذهان. ووسيلة للعرفان. وانطق به الوف الوف من ذي القدر والشان. والتاج والصولجان. في كل مكان وزمان. فاشتغلوا بعاومه حتى شغلوا عنه ملاذ الابدان. وتنافسوا فيه كما يتنافس في الحسان. ودونوا فيه كتبا لم تزل متلوة الى الآن. مع حؤول الاحوال وتعاقب الازمان. وتتابع الفتن وتتابع المحن والعدوان. فيمكن ان يقال بالبرهان. ان ألسنه سائر الامم تغيرت عن اصل وضعها فآلت كالشنان. ورميت بالشنان. وهذا اللسان الرفيع الشان. باق كما كان. وسيبقى كذلك بحوله تعالى الى آخر الزمان. واذا كان قد طرأ عليه عرض تغيير في التخاطب فجوهره في الكتابة سالم لم يعتره نقص ولا ذان. وما ذاك الا منة من الرحمن. والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي انزل عليه القران. وأوتى الحكمة والبلاغة والبيان. والحجة والبرهان. فقمع اهل الشرك والطغيان. والزور والبهتان. وعلى آله وصحبه ذوى الفضل والاحسان [وبعد] فانى لما رأيت في تعاريف القاموس للامام القاضى مجد الدين الفيروز ابادى قصورا وابهاما. وايجازا وابهاما. وترتيب الافعال ومشتقاتها فيه محوج الى تعب في المراجعة. ونصب في المطالعة. والناس راوون منه. وراضون
1 / 2
عنه. أحببت أن ابين في هذا الكتاب من الاسباب ما يحض اهل العربية في عصرنا هذا على تأليف كتاب في اللغة يكون سهل الترتيب واضح التعريف. شاملا للالفاظ التى استعملها الادبآء والكتاب وكل من اشتهر بالتأليف. سهل المجتنى دانى الفوائد. بين العبارة وافى المقاصد. فإن هذا اللسان وان يكن قد تضوع نشره. ونشر تضوعه. وترفع قدره. وقدر ترفعه. وصفت موارده. وورد صفآؤه. ووفت محامده. وحمد وفآؤه. وقام شاهد بيانه. وشهد قيام تباينه. وبزغت انواره فانار بزوغها. وسبغت استاره فاجار سبوغها. وشرق سائره وسار شارقه. وبرقت اسرته وسر بارقه. وسبق جواده وجاد سابقه. فا اجدره بان يكون لسان ذوى الحكمة والاحكام. وما اقدره على ان يصون مكان اولى الحرمة والاحلام. الا ان ألسنة الاجانب زاحمته في هذا العصر فكادت تحلئ عنة اهله. وتحجب عنهم ظله. وتحبس وابله وطله. لان ترتيب كتب لغاتهم اسهل. والوصول اليها اعجل. ولا سيما انها قليلة المشتقات. وليس في تعريف الفاظها كبير اختلاف في الوايات. اما من يتعاطون منا التجارة. ويحملون عبء الامارة. فانهم يزعمون ان اللغة العربية لا تصلح في هذا الزمن لهاتين الخطتين. فلابد من الاستعانة بكلام الاجانب وان ادى ذلك الى حطتين. كلا وربك ما بروا ولا صدقوا. وما دروا انهم بالذى عاب نفسه لحقوا. لانهم ما قالوا ذلك الا لحرمانهم منها. وقصورهم عنها. فمن ثم مست الحاجة الى زيادة تفصيل لمفردات لغتنا ومركبانها. وتبيين لاصولها من القصور والخلل. بنوع لا يحمل القارئ على الملل. ولا يقنطه من تحصيل فوائد اللغة التى هى خير محصل. غير قاصد بذلك التنديد بالمعايب. او التعديد لللمثالب. فان المؤلفين الاولين ﵏ القوا وبرعوا واجانوا. وافهام اهل زمانهم. فاختصروا واوجزوا. واشاروا ورمزوا. واعظم شاهد على ذلك انهم لم يظبطوا كلامهم على مثال. فكأن التصحيف لم يكن يخطر لهم ببال. ما عدا صاحب القاموس فانه تنبه لهذا الخلل. فضبط الكلام على مثل غير مقتنع بضبط القلم كما اشار اليه في الخطبة فنعم ما فعل. بل كانوا يكتبون ايضا بلا نقط. وهم آمنون ان يطرأ على كلامهم تحريف او غلط. فلا تكاد تجد كتابا قديما الا على هذا النمط. ومن هنا كثر الخلاف في الروايات. واتسع المجال في التأويل ما بين نفى واثبات. واحتمال وابتات. وفضلا عن ذلك فان حروف الهجآء في العربية متقاربة في الشكل كتقاربها في النطق. فلا غرو ان تلتبس على قارئها وان كان من احذق الخلق. ألا ترى ان خلاف القرآءة وقع ايضا في الكلام القديم.
1 / 3
تنزيل الحكيم العليم. فقد قال العلامة الشيخ خليل بن ايبك الصفدى ﵀ ما نصه واما في الزمن القديم فقد وقع لبعض القرآء عجائب وغرائب ذكر منها الدارقنطى ﵀ جملة في كتاب التصحيف له ولهذا كان يقال قديما لا تأخذوا القرآن من مصحفى ولا الحديث من صحفى اذ التصحيف متطرق الى الحروف فيقرأ المهمل منها معجما والمعجم مهملا على انه قد وقع في القرآن العظيم احرف احتمل هجاؤها لفظينوهو قراءتان من ذلك قوله تعالى هنالك تبلوكل نفس ما أسلفت وتتلو. وقوله تعالى ان جآءكم فاسق بنبأ فتبينوا وتئبتوا. وقوله تعالى الذين ينفقون اموالهم ابتغآء مرضات الله وتئبيتا من انفسهم وتبينا. وقوله تعالى أفلم ييئس الذين آمنوا ويتبين. وقوله تعالى واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك وليبيتوك. وقوله تعالى تقاسمو بالله لنبيتنه ولنبيننه. وقوله تعالى ولنبوئنهم من الجنة غرفا ولنئوينهم. وقوله تعالى واذ جعلنا البيت مثابة ومتابة وألعنهم لعنا كثيرا وكبيرا قل فيهما اثم كبير وكثير. وابتغوا ما كتب اللهواتلعوا وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن وعند الرحمن. وهو الذي يرسل الرياح بشرا ونشرا. وانظر الى العظام كيف ننشرها وننشزها. فاغشيناهم فهم لا يبصرون فاعشيناهم. وقد شغفها حبا وقد شعفها. ولا تجسسوا ولا تحسسوا. فمن خاف من موص جنفا وحيفا. وان لك في النهار سبحا طويلا وسبحنا اى حقا. وهو الذى يسيركم في البر والبحر وينشركم. وانما المؤمنون اخوة فأصلحوا بين اخويكم واخوتكم. وحتى اذا فزع عن قلوبهم وفرغ. واصبح فؤاد امموسى فارغا وفزعا. وأاذا ضللنا وصللنا اى تغيرنا. وقبضت قبضة من اثر الرسول وقبصت قبصة. وتالله لأكيدن اصناكم وبالله. وان كان مكرهم لَتزول ولترول. واذكر اسم الله عليها صواف وصوافى اى خالصة وصوافن قرآءة ابن عباس. وحتى يلج الجمل فى سم الخباط والحمل قرآءة ابن عباس وهو قلس من قلوس السفن. وقضى ربك ان لا تعبدوا الا اياه ووصى ربك في قرآءة ابن عباس قال لو قضى ذلك لما عبدوا سواء. وان يدعون من دونه الا اناثا والا اوثانا في قرآءة عائشة وقد قرئ ايضا اثنا وآثنا. قلت هذا الذى ذكره من اختلاف القرآءة قليل من كثير فمن شآء الزيادة فعليه بالكشاف قال واما تصحيف الفقهاء فهو كثير ايضا قال يوما بعض المدرسين ولا يكون النذر الا في قرية قاله بالياء آخر الحروف وهو بالباء الموحدة مضموم القاف وقال بعضهم ويكره القرع ويحب الخيار وانما هو يكره القزع ويحب الختان بالجيم وقال بعضهم يوما قال الشافعى يستحب في المؤذن ان يكون صبيا فقيل له ما العلة في ذلك قال ليكون قادرا على الصعود في درج المأذنة وانما هو صيتا من الصوت. واما تصحيف المحدثين فقد دون الناس في ذلك جملة من ذلك ما حكاه ابو احمد الحسن العسكرى قال حكى القاضى احمد بن كامل قال حضرت
1 / 4
بعض مشايخ المحدثين من المغفلين فقال عن رسول الله ﷺ عن جبريل عن الله رجل فقلت من هذا الذى يصلح ان يكون شيخ الله فاذا هو قد صحفه واذا هوعن وجل. قال العسكرى واخبرنى ابوعلى الرازى قال كان عندنا شيخ يرى الحديث وكان من المغفلين روى ان النبى ﷺ كان يغسل خصى حماره وانما هو يغسل حصى جماره بالحاء المهملة اولا وبالجيم ثانيا. واما الكتاب فصحف منهم جماعة محضرة الخلفاء والملوك قرأ بعضهم يوما ابومعسر المتخم بالسين المهملة من الاعسار وبالتاء ثالثة الحروف المشددة وبالخاء المعجمة من التخمة وإنما هو ابومعشر المنجم. وقرأ بعض كتاب المأمون قصة فقال ابو ثريد بالثاء رابعة الحروف فقال المأمون كاتنا اليوم جوعان احضروا له ثريدا فاحضروا له فاكل ثم قرأ بعد ذلك فلان الخبيصى فقال هو معذور ليس بعد الثريد الا الخبيص احضروا له خبيصا وكانت الحمصى. وقرأ يوما بعض الأكابر على السلطان الملك الناصر قصة قال فيها والمملوك من حملة الكتاب فقرأها من حملة الكتان فقال السلطان من حملة الكتاب العزيز. وكتب سليمان بن عبد الملك الى ابن حزم امير المدينة ان أحص من قبلك من المختثين فصحف كاتبه وقرأ اخص بالخاء المعجمة فدعاهم الامير وخصاهم وفي الجملة فما احد سلم من التصحيف والتحريف حتى الائمة الاعلام منهم من ائمة البصرة اعيان كالخليل بن احمد وابى عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر وابى عبيدة معمر بن المثنى وابى الحسن الاخفش وابى عثمان الجاحظ وابى زيد الانصارى وابى عمر الجرمى وابى حاتم السجستانى وابى العباس المبرد ومن ائمة الكوفة اكابر كالكسائى والفرآء والمفضل الضى وحماد الرواية وخالد بن كلثوم وابن الاعرابى ومحمد بن حبيب وابن السكيت وابى عبيد القاسم بن سلام وعلى اللحيانى وابى الحسن الطوسى وابى العباس ثعلب انتهى مع تقديم وتأخير ومثله ما في المزهر وذلك لان اللغة العربية بحر لا يدرك اقصاه. ولا يبلغ منتهاه. ولان حروف الهجاء فيها متشابهة الوضع كما تقدم. كأنها نقوش اريد بها الزينة لما يرقم. كما يزين النقش الدرهم. ولهذا كثيرا ما فكرت في الاضطراب عن هذا الكتاب. حيث كان موضوعه اللغة وهو موضوع يرضى فيه ممارسه من الغنيمة بالاياب. اذ ما عرج في مراقيسه احد الاعرج. ولا ترجى بلوغ غايته الا ترج. ويشهد الله تعالى المطلع على ما تكنه الصدور. المجازى كل انسان بحسب عمله من باد ومستور. انى لم ينشطنى للتأليف يوى الرغبة في حث اهل العربية على حسب لغتهم الشريفة. والرتوع في ساحتها المنيفة. وحث اها العلم على تحرير كتاب فيها خال من الاخلال. مقرب لما يطلبه الطالب منها من دون كلال. فأنى رأيت جميع كتب اللغة مشوشة الترتيب كثر ذلك او قل. وخصوصا كتاب القاموس الذى عليه اليوم المعول. فان مؤلفه ﵀ التزم فيه الإيجاز. حتى جعله ضربا من
1 / 5
الألغاز. لكني التزمت القصد. فيما اوجهه عليه من النقد. بل ارد عنه اعتراض المحشى والشارح حين اجد مجالا للرد. فانى لست ممن يبخسون الناس اشيآءهم. او يتعاملون عن احسانهم فلا يرون الا اسوآءهم. على انى معترف بان لصاحب القاموس على فضلا كبيرا. ومنه توجب ان اكون لها ما عشت شكورا. فانه هو الذي الجأنى الى اخوض في بحر اللغة الزاخر. لاستخراج جوهرها الفاخر. بعزم غير فاتر. وجد غير عاثر. حتى ابرزته عيانا للناظر. لكن الحق احق بان يتبع. والعلم اكرم امانة تودع. وحقه ان لا يداجى فيه. وان يستوى فيه الوضيع والوجيه. فهذه غايتى الوحيدة من تأليف هذا الكتاب. لا التبجح بانى اتيت بشئ عجاب. فان مثال التبجح كان لى نذيرا. وحذرنى من الاستهداف لتعنت النقاد تحذيرا. فمن رأى فى عملى هذا شيئا يشين. فليستره بانى اخلصت القصد وافرغت الجهد في اظهار الحق للمتبصرين. وسميته [الجاسوس على القاموس] وهو مرتب على نفود مختلفة. لكنها تقصر عن ان تلاقى ما فى القاموس من انواع الخلل المنكشفة. فما فاتنى منها لكثرتها وقلة جهدى. فهو موكول الى من يأتى بعدى. ويقصد قصدى. اما ما فاتنى من الاعتراض على عجمته فانه اكثر من ان يحصر. واوفر من ان ينشر. فلم اتعمد استقراءه. ولم استقص انحاءه. اذ كان أمرا مبرما. وعنتا مسئما بل مسقما. فاقتنعت منه بنموذج يغنى قليله عن المزيد. ويسنى الاكثار منه المستزيد. ويكفى من القلادة ما احاط بالجيد. وربما كررت نقدا فى موضعين فاكثر. اذا اقتضى نسق التأليف ان يكرر. فلا تحسبنه نسيانا او ذهولا. او سهوا او غفولا. وهبه كذلك فالفائدة من تمكينه فى ذهن القارى تجعله مقبولا. فهذا عذرى لدى اهل التحصيل. ولدى من عانى التأليف فى اللغة وحمل عبئه الثقيل. اما ما نقلته من كتب اللغة فلم ارفمه ألا بعد ان قرأته عدة مرار. وظهر لى انه ليس عليه من اعصار التحريف والتصحيف ادنى غبار. فاذا وقع شئ من ذلك في هذا الكتاب فعذرى عنه انه شعار الخلق الضعيف. ودثار كل من استهدف للتصنيف. وهذا بيان انواع النقود وعدتها اربعة وعشرون. مع خاتمة بذلت فيها غاية الممنون. واستخرجت لها اقصى الجهد المكنون. والجد المصون
1 / 6
[النقد الأول]
فى الكلام على خطبة المصنف
[النقد الثانى]
فى ابهام تعاريفه والتباسها ومجازفتها وفيه القلب والابدال
[النقد الثالث]
فى قصور عبارته وابهامها وغموضها وعجمتها وتنافضها
[النقد الرابع]
فى ابهام عبارته فى المصدر والمشتقات والعطف والجمع والمفرد والمعرب وغير ذلك
[النقد الخامس]
فى ذهوله عن سق معانى الألفاظ على نسق اصلها الذى وضعت عليه
بل يقحم بينها الفاظا أجنبية تبعدها عن حكمة الواضع
[النقد السادس]
فى تعريفه اللفظ بالمعنى المجهول دون المعلوم الشائع
[النقد السابع]
فيما قيده فى تعاريفه وهو مطلق
[النقد الثامن]
فى تشتيته المشتقات وغيرها
[النقد التاسع]
فيما اهمل الاشارة اليه واخطأ موضع ايراده
[النقد العاشر]
فيما ذكره مكررا فى مادة واحدة
[النقد الحادى عشر]
فى غفوله عن الاضداد
[النقد الثانى عشر]
فى عفوله عن القلب والابدال
[النقد الثالث عشر]
فى تعريفه الدورى والتسلسي
1 / 7
[النقد الرابع عشر]
فيما ذكره من قبيل الفضول والحشو والمبالغة واللغو
[النقد الخامس عشر]
فى خلطه الفصيح بالضعيف والراجح بالمرجوح وعدوله من المشهور
[النقد السادس عشر]
فيما لم يخطئ به الجوهرى مع مخالفته له وفيما خطأه به ثم تابعه عليه وفيما تعنت
به عليه محض تحامل
[النقد السابع عشر]
فيما قصر فيه عن الجوهرى
[النقد الثامن عشر]
فى انه يذكر بعض الألفاظ الاصطلاحية ويهمل بعضها
[النقد التاسع عشر]
فيما ذكره فى مادته فلتة اعنى من دون تفسير له
[النقد العشرون]
فيما ذكره فى غير موضعه المخصوص او ذكره ولم يفسره
[النقد الحادى والعشرون]
فيما ذكره فى موضعين غير منبه عليه وربما اختلفت روايته فيه
[النقد الثانى والعشرون]
فيما وهم فيه لخروجه عن اللغة
[النقد الثالث والعشرون]
فى خطائه وتحريفه وتصحيفه ومخالفته لائمة اللغة وفيه فصل من طراز اللغة
[النقد الرابع والعشرون]
فى خصوص غلطه فى تذكيره المؤنث وتأنيثه المذكر
[الخاتمة]
فى افتعل المتعدي واللازم
1 / 8
هذا ولما تم الكتاب على هذا المنوال. ورأيته جديرا بمطلع الاقبال. ومطالعة الاقبال. حدثتنى نفسى ان اخدم به الجناب العالى. والنير المتلالى. بهجة الايام والليالى. الذى ابتهج الكون بوجوده. واغتبط اهل الدنيا بجوده. وبدأ من تآليفه فى اللغة العربية. ما زان جميع الممالك الاسلامية. ولا سيما الاقطار الهندية. السيد الكريم القنس. الذى تشرف بنفسه الطاهر القرطاس والنقس. سيدنا المعظم. وسندنا المميم. محمد صديق حسن خان بهادر ملك يهوبال المفخم.
(هو الملك الآتى بكل صنيعة ... تقصر عن اطرآئها صنعة النظم)
(فأدنى سجاياه الكريمة انه ... اتى جامعا للفضل والحلم والعلم)
(فأيا بها شببت دهرا وجدته ... لمن يحسن التشبيب هندا بلا ذأم)
(هفت سيئات الدهر من حسناته ... كما من ضياء العدل يهفو دجى الظلم)
(واحى ربوع الجود بعد اندراسها ... فيممه من فأته درر اليم)
(فكل مديح فيه يأتيك بالذى ... سمعت به عن حاتم وافر القسم)
(اذا ذكرت اوصافه عند عالم ... افادته علما ليس يحصل من رقم)
(فقال ادرسوها فهى ترشدكم الى ... وجوه المعالى والدراية والحزم)
(خلائق ما شينت بنقص وانما ... حقيقتها تربى على مبلغ الفهم)
(كذلك يؤتى الله من شاء فضله ... وليس الذى يؤتيه يدرك فى الوهم)
فقد لاأيت انه حفظه الله نوه بما وقف عليه من تأليفى فى بعض مؤلفاته. فاعتقدت انه يستحسن هذا التأليف ايضا ويروجه بالنفاته. فلما اتصل ذلك بمسامعه الشريفة. هزته الاريحية التى هى لطبعه اليقة. فزخر بحره الطسامى. وصدر امره السامى. بطبع هذا التاب فى طبعة الجوائب. كما طبع فيها من قبل مؤلفاته التى اعجب بها كل مولع برؤية العجائب. ومتطلع الى الغرائبوالرغائب. ليكون عند طلاب العربية منشورا. وفى نواديهم مأثورا. فحق على شكر نعمائه. والدعاء بطول عمره وبقائه. كما حق الشكر لحضرة زوجه الكريمة. ذات الفواضل العميمة. والفضائل الصميمة. سيدة الكمال. المحروسة بعين عناية ذى الجلال. السيدة شاه جهان بيكم ملكة بهوبال. فكم عمرت ايادبها بيوت ذوى الحاجات. واحيت قلوب مجتدى الصلات. وناهيك ما تبرعت به مدة الحرب الأخيرة. من اعانة الدولة العلية بمبالغ وفيرة. مما دل على جلالة قدرها. وعظم برها.
(اذا زان الكرائم عند در ... فزينةشاه جهان بيكم مناقب)
(تسابق مدحها وجدا يديها ... فسارا فى المشارق والمغارب)
1 / 9
(إذا عاب النساء ونى وعجز ... عن الابطال فى نيل المراتب)
(فذاك العيب جلت عنه شانا ... فان لامرها تعلو المناصب)
(ولا عجب اذا زادت عليهم ... فان الزيد للتأنيث واجب)
(كأنى حين امدحها ارى من ... سواد النقس انوار الكواكب)
(فتبهرنى عن الاكثار منه ... واحذر ان تخلله شوائب)
(تبارك من براها من كمال ... تنزه عن مقاناة المعايب)
(ودامت ملجأ لمن اجتداها ... مدى الاحقاب يزخر بالرغائب)
فما ترى في هذا العصر كريما يماثلهما. ولا فاضلا يفاضلهما. فهما تيرا الهند بل قمرا الشرق والغرب. يستمد العافي من جدواهما على البعد والقرب. فلا يمنع كرمهما بعد مدى. ولا فرق طلبة اوجدا. بل الجميع يتالون من فضلهما حظا وافيا. ورزقا كافيا. ودوآء شافيا. ادام الله تعالى دولتهما بالعز والاقبال. على ممر الايام والليال. والشهور والاحوال. آمين
ثم انى بعد ان استميح الاجازة من اهل اللغة الذين جمعهم تهذيب دواوينها. وابراز مستورها ومكنونها. اقول ان من اعظم الخلل. واشهر الزلل. فى كتب اللغة جميعا وحديثها ومطولها ومختصرها ومتونها وشروحها وتعليقاتها وحواشيها خلط الافعال الثلاثية بالافعال الرباعية والخماسية والسداسية وخلط مشتقاتها فربما رأيت فيها الفعل الخماسى والسداسى قبل الثلاثى والرباعى او رأيت احد معانى الفعل فى اول المادة وباقى معانيه فى آخرها ففى مادة عرض التى هى في القاموس أكثر المواد اشتقاقا وتشعبا ذكر الجوهرى المعارضة التى بمعنى المقابلة بعد المعارضة التى بمعنى المجانية بثلثة وثلثين سطرا وصاحب القاموس او رد احتمل الصنيعة اى تقلدها فى اول المادة ثم احتمل اى اشترى الحميل للشئ المحمول من بلد الى بلد فى آخرها وبينهما اكثر من ثلثين سطرا والشارح اورد فى تاج العروس اختلج بمنى تحرك بعد اختلج بمعنى نكح بنحو ستة وخمسين سطرا ولهذا انصح مطالعى كتب اللغة ان لا يقتصروا على فهم اللفظ فى موضع واحد بل لابد لهم ان يطالعوا المادة من اولها الى آخرها لا جرم ان هذا التخليط والتشويش فى ذكر الالفاظ ليذهب بصبر المطالع ويحرمه من الفوز بالمطلوب فيعود حائرا بائرا. بيان ذلك اذا اردت ان تبحث فى القاموس مثلا عن اعرض عنه لزمك ان تقرأ كل ما ورد فى مادة عرض من اولها الى آخرها فيمر بك اولا عرض واعترض وعارض واستعرض او العكس ثم اسمآء فقهاء ومحدثين وحيوانات وجبال وانهار وحصون قبل ان تصل الى اعرض وربما لم يكن ذكره مستوفى فى موضع واحد فترى فى موضع اعرضه وفى موضع آخر اعرض على وهلم جرا فإذا رأى
1 / 10
المطالع أن المادة تملأ صفحتين او ثلاثا عاد نشاطه ملالا. وجده كلالا. فربما نصفح المادة كلها واخطأه القرض بخلاف ما اذا كانت الافعال مرتبة على ترتيب الصرفين فأنه ينظر اولا الى افعل الثلاثى ومشتقاته فى اول امادة والى الخماسى والسداسى ومشتقاتهما فى آخرها والى الرباعى ومشتقاته فى وسطها فلا يضيع له بذلك وقت ولا يكل له عزم ولا يخيب سعى ولا بأس ايضا بان يوضع حيال المواد الغزيرة رقم بالهندى على الحاشية فيوضع رقم ٣ مثلا قبالة الفعل الثلاثى و٤ قبالة الفعل الثلاثى و٤ قبالة الفعل الرباعى وهكذا. واعجب العجب انه ما احد من المصنفين وكتاب الشروح والحواشى تبنه لهذا الخلل اعنى خلط الافعال ومشتقاتها وما ذلك الا من ابئار التقليد على الاجتهاد فالظاهر ان اول من الف فى اللغة لم يكن من همه سوى جمع الألفاظ فقط مع ان من مستلزمات الجمع اى جمع كان الترتيب والانتظام ووضع كل شئ فى محله. ومما احسبه من الخلل ايضا تقديم المجاز على الحقيقة او العدول عن تفسير الالفاظ بحسب اصل وضعها مثال ذلك لفظة كتب فان الجوهرى ابتدأ هذه المادة بقوله الكتاب معروف وصاحب القاموس بقوله كتبه كتبا وكتابا خطه ومثله صاحب المصباح والزمخشرى مع ان اصل الكتب فى اللغة للسقآء يقال كتب السقآء اى خرزه يسيرين وهو من معنى الضم والجمع ومنه الكتيبة للجيش ثم نقل هذا المعنى الى كتب الكتاب وحقيقة معناه ضم حرف الى آخر. وانما قلت ان اصل الكتب للسقآء لان العرب عرفت السقآء واحتاجت الى الشرب منه والى اصلاحه قبل ان تعرف الكتابة ولو عرفت ما للقرية من الاسمآء والصفات لهزك العجب وكذلك قرأ فان اصل معنا الجمع والضم وهو فى المعتل ايضا يقال قرأ الشئ اى جمعه وضمه ومنه اقراء الشعر اى انواعه وانحاؤه وقرى الماء فى الحوض اذا جمعه ومنه القرية مع ان المصنف ابتدأ هذه المادة بها وقس عليه درس الكتاب فان اصله من درس الحنطةونسخ الكتاب فان اصله من نسخت الشمس الظل. فان قيل ان ائمة اللغة انما يبتدئون المادة باشرف ما فيها من المعانى قلت كان عليهم بعد الفراغ من انجاز اذا كان اشرف المعانى ان يقولوا مثلا واصل هذا المعنى من قولهم كذا وكذا لا جرم ان الابتدآء بالاصل لا يخل بالترتيب فان الجوهرى ابتدأ مادة خلق بخلق الاديم وهو تقديره قبل قطعه ونص عبارته الخلق التقدير يقال خلقت الاديم اذا قدرته قبل القطع وزاد الزمخشرى على ان جعل خلق الله الخليقة مجازا عنه ونص عبارته خلق الحذاء الاديم والخياط الثوب قدره قبل القطع ومن المجاز خلق الله الخلق اوجده على تقدير اوجبته الحكمة وصاحب اللسان ابتدأ مادة درس بدرس الرسم ثم بدرس الطعام ثم بدرس الكتاب قال ودرست الكتاب ادرسه درسا اى ذللته بكثره القرآءة حتى خف حفظه فشبه درس الكتاب بدرس الحنطة مثال آخر لفظ عبر اصل وضعها للنهر يقال عبر النهر عبرا وعبورا اذا قطعه إلى الجانب الآخر
1 / 11
ثم شبه به عبر الرؤيا وتعبيرها اى تفسيرها وحقيقة معناها عبور امر من مجهول الى معلوم مع ان الجوهرى ابتدأ هذه المادة بالعبرة وهى الاسم من الاعتبار والمصنف ابتدأ بعبر الرؤيا والزمخشرى ابتدأها بقوله الفرات يضرب العبرين بالزبد وهما شطاه وناقة عبر اسفار اى لا تزال يسافر عليها غير ان الصغانى وصاحب المصباح ابتدأا يعبر النهر وهو الحق لان عبور النهر كان للعرب الزم من عبر الرؤيا وسيأتى لهذا امثلة اخرى فى النقد الخامس. ومن الغريب في هذا الباب ان الامام الزمخشرى جعل الهجآء نقيض المدح مجازا عن هجآء الحروف ونص عبارته فى الاساس هجا الحروف يهجوها ويهجيها وتهجاها عددها ومن المجاز فلان يهجو فلانا اى يعدد معايبه والمرأة تهجو زوجها اذا ذمت صحبته وعدت عيوبه مع ان العرب عرفت الذم قبل تهجية الحروف وهنا خلاف بين الزمخشرى والمصنف فان المصنف خص الهجآء بالشعر والزمخشرى اطلقه وعندى انه اصح لانه كما ان المدح لا يختص بالشعر فكذلك الهجو. ومن هذا القصور تعريفهم لفظة بلفظة اخرى من دون ذكر الفرق بينهما بالنظر الى تعديتهما بحرف الجر كقول الجوهرى مثلا الوجل الخوف ومثلها عبارة القاموس والمصباح مع ان وجل يتعدى بمن وخاف يتعدى بنفسه وكقوله ايضا الجنف الميل وقد جنف بالكسر يجنف جنفا ومنه قوله تعالى فمن خاف من موص جنفا وهو يوهم انه يقال جنف عنه وعليه واليه كما يقال مال عنه وعليه واليه وعبارة المصباح جنف جنفا من باب تعب ظلم وهو يوهم انه يقال جنفه كما يقال ظلمه وعبارة العباب الجنف الميل والجور والعدول. وكقول المصنف العتب الموجدة والملامة ولام يتعدى بنفسه وعتب ووجد يتعديان بعلى وكقوله ايضا العوذ الالتجاء كالعياذ والاستعاذ وعاذ يتعدى بالباء والتجأ يتعدى بالى وعبارة المحكم عاذ به عوذا وعياذا ومعاذا لاذ به وكقوله فى آخر مادة حسب واحتسب انتهى وانتهى يتعدى بمن يقال انتهى عنه اى كف وهو مطاوع نهى ويتعدى ايضا بالى واحتسب بنفسه نحو احتسب اجرا عند الله اى ادخره عنده ويتعدى ايضا بالباء نحو احتسب بالشئ اى اكتفى وفلان لا يحتسب به اى لا يعتد به وهذا النموذج كاف. ومن ذلك ابهامهم فى المصادر فانهم يوردون المصدر من دون فعل فيوهمون انه غيره فى المعنى كقول الجوهرى الشوق والاشتياق نزاع النفس الى الشئ يقال شاقتى الشئ فهو شائق ونحوها عبارة المصنف اما صاحب المصباح فانه صرح بلا محاشاة بان المصدر الثانى هو عين المصدر الاول ونص عبارته الشوق الى الشئ نزاع النفس اليه وهو مصدر شاقنى الشئ شوقا من باب قال وهو باطل فان الشةق الاول مصدر شاق اليه بمعنى اشتقاق كما فى المحكم ولسان العرب ذكر فيهما فى اول المادة وهو لازم والشوق الثانى مصدر شاقه
1 / 12
وهو متعد وقد طالما خطر ببالى مدة مطالعتى الكتب الثلثة ان فى الكلام قلبًالانه اذا كان الشوق فعل الشائق دون المشتاق فكيف يصح ان يقال مثلا شوقى لك شديد وهو فعل غيرى وما برحت على هذا الرأى حتى طالعت اللسان والمحكم فوجدت فيهما ما قررته فحمدت الله على ذلك وللمصنف من هذا الابهام المنكر النصيب الاوفر كما تراه فى محله ويلحق بذلك انهم كثيرا ما يذكرون فاعل من دون مصدره وهو المفاعلة واسم مصدره وهو الفعال من دون تنبيه على مجئ الاسم وعدم مجيئه فان صاحب المصباح نص على انه غير مقبس كما سيأتى. ومن ذلك ايرادهم الفعل الرباعى من دون الثلاثى فيوهمون ان الثلاثى غير وارد كاقتصار الجوهرى على أسأر اى ابقى دون ستر والازهرى نص عليه ولولا ذلك لما صح ان يقال سائر الناس وسياتى مزيد بيان له فى النقد الرابع وكاقتصاره واقتصار المصنف على ايراد اقلت دون قلت مع انهما ذكرا كان الامر فلتة والزمخشرى وصاحب المصباح نصا على ورود الثلاثى وكاقتصار المصنف على ذوح ابله تذوبحا اى بددها وذوح ماله فرقه والقرطبى وصاحب اللسان صرحا بمجئ الثلاثى واغرب من ذلك اقتصار جميع اهل اللغة على قولهم قدس تقديسا وما احد منهم ذكر له فعلا ثلاثيا او نبه على عدم مجيئه مع انهم قالوا ان القدس اسم ومصدر فكيف يكون مصدر من دون فعل اوفى الاقل من دون تنبيه عليه كما نبهوا على غيره ويقال ايضا قدوس واسم الله الاقدس وبيت المقدس فكيف جآء النعت وافعل التفضيل واسم المكان من غير اشتقاق مع ان سيبويه قال ان الكلم كله مشتق كما فى المزهر وهذا البحث يعاد فى النقد الثالث وكذكرهم الخضخضة وهى تحريك المآء ونحوه من دون ذكر خض مع انه مستعمل الآن عند جميع المولدين ولولا ذلك لما استغربته فانى وجدت كثيرا من الافعال الرباعية المضاعفة الدالة على الحركة بدون ثلاثى وذلك نحو زعزع ودغدغ وزغزغ وسغسغ. ومن غريب هذا الباب ان المصنف حكى فى باب الغآء رف اكل كثيرا والمرأة قبلها باطراف شفتيه الى ان قال والطائر بسط جناحيه مرفرف والثلاثى غير مستعمل كذا رأيته فى عدة نسخ من القاموس من جملتها النسخة الناصرية التى قرئت على المصنف وسيأتى وصفها فثبت الثلاثى اولا ثم نفاه فكان حقه ان يقول او الثلاثى غير مستعمل اذا كان فى شك من استعماله او وليس له فعل ثلاثى اذا كان على يقين من عدم مجيئه غير ان ابن سيده اثبته فى المحكم ونص عبارته رف الطائر ورفرف حرك جناحيه فى الهوآء فلم يبرح واستفيد منها ايضا قيد الحركة فى الهوآء وهو لا يؤخذ من كلام المصنف فما ضره لو تقل عبارة المحكم كما هى ومن ذلك انهم يفسرون اللفظ بلازم معناه ومفهومه ضمنا كتفسيرهم الزهيد بالقليل وهو فعيل بمعنى مزهود فيه وان كان كثيرا ولكن لما كان الناس يرغبون غالبًا فى الكثير ويزهدون
1 / 13
في القليل غلب استعمال الزهيد فى القليل وقس عليه بضاعة مزجاء فان اصل معنى ازجى دفع فكأنك قلت بضاعة مدفوعة ولازمها القلة وله نظائر. ومن ذلك انهم يوردون فى التعريف الفاظا لا يذكرونها فى مظانها مع توقف المعنى عليها كقول الجوهرى ريح فى تجارته اى استشفولم يذكر استشف فى بابها وتبعه المصنف فى ذلك ثم قال فى باب الفآء واتشفه نظر ما ورآؤه وعبارة المحكم الريح النمآء فى التجر. وكقول ابن فارس فى المجمل فى مادة بلد البلد صدر القرى ولم يذكر فى صدر سوى قوله صدر الانسان وغيره وكقول صاحب المحكم فى هذه المادة البلد كل قطعة مستحيرة من الارض الخ ولم يذكر استحاز فى حوز ولا فى حيز. ومن ذلك انهم يبتدئون المادة باسم الفاعل او المفعول او الصفة المشبهة او اسم المكان والآلة او المعرب عوضا عن الابتدآء بالفعل او المصدر كقول الجوهرى فى اول مادة جزر الجزور من الابل يقع على الذكر والانثى ثم قال بعد اربعة عشر سطرا وجزرت الجزور واجتزرتها اذا نحرتها وجلدتها فالجزور على هذا فعول بمعنى مفعول فما معنى ذكره قبل الفعل وبقى النظر فى تغليب التأنيث على التذكير وكقوله فى قمع المقمعة واحدة المقامع من حديد كالحجن يضرب بها على رأس الفيل وقد قعته اذا ضربته بها. وكقولالمصنف فى اول مادة حصل الحاصل من كل شئ ما بقى وثبت وذهب ما سواء ولجوهرى ابتدأها بالفعل الرباعى ولم يفسره وكقوله فى اول مادة جمس الجاموس م معرب كاوميش فقدم اللفظ المعرب على اللفظ العربى والازهرى ابتدأ مادة عند بالعنيد وبه اقتدى صاحب اللسان والصغانى ابتدأ مادة فتك بالفاتك ومادة خلص بالخلصآء بلد بالدهنآء وهذا القصور عام فى جمع كتب اللغة ولذا اوردت نوذجه مختصرا اما المخصوص بالقاموس فسأعقد له نقودا بالتفصيل ان شاء الله. وأصعب شئ من ابواب اللغة معرفة ما يأتى من الافعال متعديا بنفسه وبالحرف وذلك لقصور عبارة المؤلفين واختلاف اقوالهم فيها فيلزم الطالب ان يكون عنده جميع كتب اللغة اما الصعوبة فى معرفة موازين الافعال فان مرجعها الى الحفظ فقط فان صاحب اللقاموس ضبطها على امثلة وبذلك كان لقاموس مزينة على الصحاح فان الجوهرى اعتمد فى ضبطها على القلم فمن امثلة النوع الاول قول المصنف جآءانى وعبارة الصحاح المجئ الاتيان وعبارة المصباح جآء زيد حضر ويستعمل متعديا ايضا بنفسه وباليآء فيقال جئت شيا حسنا اذا فعلته وجئت زيدا اذا اتيت اليه وجئت به اذا احضرته معك وقد يقال جئت اليه على معنى ذهبت اليه وجاء الغيث نزل وجاء امر السلطان بلغ وجئت من البلد ومن القوم اى من عندهم. ونظيره قول الجوهرى فى اتى الاتيان المجئ وقد اتيته اتيا فعداه بنفسه واهمل تعديته بالى وعبارة القاموس اتيته جئته ثم قال بعد اسطر واتى الامر فعله وعليه الدهر أهلكه
1 / 14
فزاد على الصحاح هذين المعنيين وعبارة المصباح اتى الرجل جآء واتينه يستعمل لازما ومتعديا واتى زوجته اتيانا كناية عن الجماع واتى عليه مر به واتى عليه الدهر اهلكه واتاه آت اى مهلك واتى من جهة كذا بالبنآء للمفعول اذا تمسك به ولم يصلح للتمسك فاخطأ واتى الرجل القوم انتسب اليهم وليس منهم فزاد على القاموس خمسة معان فقرنه بعلى وعبارة المصباح ودربته بالتثقيل فتدرب فلم يقرنه بشيء وعبارة المحكم دربه به وعليه وفيه ضراء ومثلها عبارة المصنف. وقال المصنف في ذهب ذهب سار اومر وبه ازاله وعبارة الصحاح الذهاب المرور وعبارة المصباح ذهب الاثر يعدي بالحرف وبالهمزة فيقال ذهبت به واذهبته وذهب في الارض مضى وذهب مذهب فلان قصد قصده وطريقته وذهب في الدين مذهبا رأى فيه رأيا وقال السرقسطى احدث فيه بدعة. وقال المحشى ان عدى الذهاب بالبآء معناه الاذهاب او بعلى فعناه النسيان او بعن فالترك او بالى فالتوجه. وقال الجوهرى في بحث بحثت عن الشيء وابتحثت عنه اى فتشت عنه وعبارة المصنف بحث عنه واستبحثت وتبحث فتش وعداه صاحب اللسان بنفسه وهو عندى اصل المعنى فان قولك بحثت عنه حقيقة معناه بحثت الموضوع عنه وكذلك تقدير فتشت عنه وعبارة المصباح بحث عن الامر استقصى وبحث في الارض حفرها وفي التنزيل فبعث الله غرابا يبحث في الارض فكيف اهمل الجوهرى والمصنف تعدية بحث بفى مع وروده في التنزيل. ونظير هذا التقصير قول الجوهرى التسبيح التنزيه من دون ان يذكر تعدية فعله وعبارة المصنف وسبح تسبيحا قال سبحان الله وسبوح قدوس ويفتحان من صفاته تعالى لانه يسبح ويقدس ومقتضاه ان سبح وقدس يعديان بغير حرف ونحوها عبارة صاحب المصباح فانه قال التسبيح التقديس والتنزيه يقال سبحت الله اى نزهته عما يقول الجاحدون ويكون بمعنى الذكر والصلاة يقال فلان يصبح الله أي يذكره باسمائه. وصاحب الاساس عداه بنفسه وباللام ونص عبارته سبحت الله وسبحت له وعندى ان التقديس مثل التسبيح اعنى انه يعدى بنفسه وباللام وباللام ورد متعديا في التنزيل وعبارة التهذيب قال الله تعالى ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك اى نطهر انفسنا لك وكذلك نفعل بمن اطاعك نقدسه أي نطهره فجعل مفعول نقدس غير اسم الجلالة وعندى ان رجوعه اليه اولى لان المعنى نسبة القدس اليه كما تقول مجدته وعظمته واعلم ان كلتا اللفظتين في اللغة السريانية فتجتو معناها المجد وتشجتو معناها التمجيد فاخذ التسبيح من هذا المعنى اولى من قول بعضهم انه من معنى السباحة لان المسبح يمد يديه بالدعآء كما يمد السابح يديه في السباحة. وقال الجوهرى في رغب رغبت في الشيء اذا اردته وارتفعت فيه مثله ورغبت عن الشيء اذا لم ترده ولم يقل بعده وارتفعت عنه مثله ونحوها عبارة المصنف ولكن زاد رغب اليه ابتهل او هو الضراعة والمسألة
1 / 15
ورغب بنفسه عنه رأى لنفسه فضلا لكن تقديمه الابتهال على المسألة غير سديد ففي التهذيب رغبت الى فلان فى كذا اذا سألته اياه ولم يحك الابتهال وعبارة المصباح وغبت في الشئ ورغبته يتعدى بنفسه أيضا اذا اردته ورغبت عنه اذا لم ترده ومثله ما في التهذيب ونظير ذلك قول الجوهرى في شول شلت بالجرة اشول بها رفعتها ولا تقل شلت ويقال ايضا اشلت عبارة المصنف شالت الناقة بذنبها واشالته رفعته فشال الذنب نفسه لازم متعد فجعل الجرة ذنبا وخالف اصطلاحه واصطلاح اللغويين ايضا في قوله متعد اذا لم يعده الا بالبآء وانما يصح ان يقال ذلك على رواية الازهرى في التهذيب حيث قال اشلت الحجر وشلت به وشال السائل يديه اذا رفعهما يسأل بهما واوضح منها عبارة صاحب المصباح ونصها شلت به رفعته يتعدى بالحرف على الافصح وأشلته بالالف ويتعدى بنفسه لغة ويستعمل الثلاثى مطاوعا ايضا لشال قال شلته فشال وعكس ذلك فى ظفر اقتصر على تعديته بالبآء وعداه الجوهرى والمصنف بالباء وبعلى وبنفه * وقال الجوهرى ايضا في حدث والمحادثة والتحدث والتحادث والتحديث معروفات إلى أن قال والاحدوثة ما يتحدث به فعدى تحدث بالبآء وترك حدث وعبارة المصنف والمحادثة التحادث الى ان قال والاحدوثة ما يتحدث به فذكر تحدث هنا واهمل حدث ومثله ما فى المصباح فانه قال والحديث ما يتحدث به وعبارة المحكم حدثه الحديث وحدثه به وعبارة الاساس وحدثته بكذا وتحدثوا به وهو يتحدث الى فلانة ووجدت نسآء يتحدث اليهن * وقال الجوهري ايضا في صعد صعد فى السلم صعودا وصعد فى الجبل وعلى الجبل تصعيدا وقال ابو زيد ولم يعرفوا فيه صعد قال الشارح فى تاج العروس وقرأ الحسن اذ تصعدون جعل الصعود فى الجبل كالصعود فة السلم وقال ابن السكيت يقال صعد فى الجبل واصعد فى البلاد وقال ابن الاعرابى صعد فى الجبل واستشهد بقوله تعالى اليه يصعد الكلم الطيب وقد رجع ابو زيد الى ذلك فقال اسوأرت الابل اذا نفرت فصعدت فى الجبال ذكره فى الهمو وقد اشار فى المصباح الى بعض من ذلك أه وعبارة المصنف نحو عبارة الجوهرى وعبارة العباب صعد فة السلم صعودا والصعود خلاف الهبوط واصعد فى الوادى انحدر فيه وكذلك صعد تصعيدا وعبارة المصباح صعد ف السلم والدرجة وصعدت السطح واليه وصعدت فى الجبل تصعيدا اذا علوته فعدى صعد بنفسه مع السطح وزاذ الى واسقط على وعبارة الاساس صعد السطح وصعد الى السطح وصعد فى السلم وعبارة المحكم صعد المكان وفيه صعودا واصعد وصعد ارتقى مشرفا اه وعند الجوهرى ان صعد انما يتعدى بنفسه على تقدير حذف حرف الجر كما تقول دخلت البيت ونزلت الوادى ذكر ذلك فى دخل * ونظير ذلك عبارتهم فة رقى فان الجوهرى قال رقيت فى السلم اذا صعدت وارتقيت مثله وقال المصنف رقى اليه صعد كارتقى بالى وعبارة المصباح
1 / 16
رقيت في السلم وغيره وارتقيت مثله ورقيت السطح والجبل علوته يتعدى بنفسه فن الغريب ذكره السطح والجبل بعد قوله فى السلم وغيره ومثله غرابة تخصيص السطح بالمتعدى بنفسه فى هذه المادة وفى صعد وعبارة الاساس رقى فى السلم واترقى وظاهره أن ارتقى يتعدى بقى ثم لم يلبث ان قال ورقى السطح والجبل وارتقاء وترقاء فعدى ارتقى هنا بنفسه * وقال المصنف فى عمد عمد للشئ قصده كنعمده وعبارة الجوهرى عمدت للشئ اعمده عمدا قصدت له فعدى الماضى باللام والمضارع بنفسه وفى بعض النسخ عمدت الشئ وهو انسب باسلوبه وعبارة المصباح عمدت اليه قصدت وعبارة الشارح عمد للشئ واليه وعمده * وقال ايضا فى اخذ الاخذ التناول وعبارة الصحاح يقال خذ الصحاح يقال خذ الخطام وخذ بالخطام بمعنى قلت ويقال ايضا اخذ بقول فلان اى تمسك واخذ فى التأليف اى شرع واخذ عليه قوله كذا اى عاب واخذ عنه اى تعلم * وقال الجوهرى فى بكر وق بكرث ابكر بكورا وبكرت تبكيرا وابكرت وابتكرت وباكرت كاه بمعنى وقال ابو زيد ابكرت على الورد ابكارا فعدى ابكر بعلى وسكت عن الباقى وعبارة المصباح بكر الى الشئ بكورا اسرع اى وقت كان فعداء بالى وعبارة المصنف وبكر عليه واليه وفيه بكورا وبكر وابتكر وابكر وباكره اتاه بكره فعدى بكر بثلثة احرف تبعا للمحكم وعدى باكر بنفسه * وقال المصنف فى شعر شعر به كنصر وكرم علم به وفطن له وعمله وعبارة الصحاح شعرت بالشئ اى فطنت له وعبارة المحكم شعرت به علمت وشعر لكذا فطن له وما شعرت فلانا ما عمله وما شعرت لفلان ما عمله فعداه بالباء واللام واللام وبنفسه وبقى النظر فى تسوية المصنف شعر ككرم بشعر كنصر فان عبارة الصحاح تشعر بان شعر بالضم صار شاعرا * وقال الجوهرى فى مرر مر مرا ومرورا ذهب واستمر مثله وعبارة المصباح مررت بزيد عليه مرا ومرورا وممرا اجتزت ومر السكين على حلق الشاة وامررته (كذا) وعبارة المصنف مر مرا ومرورا جاز وذهب ومره وبه جاز عليه وامتر به وعليه كمر فعدى امتر بعلى دون مر * وقال الجوهرى ايضا فى نظر النظر تأمل الشئ بالعين وقد نظرت الى الشئ وعبارة المصنف نظره كنصره وسمعه واليه تأمله بعينه ثم قال بعد عدة اسطر والنظر محركة الفكر ف الشئ تقدره وتقيسه وعبارة المصباح نظرته انظره نظرا ونظرت اليه ايضا ابصرته ونظرت فى الامر تدبرت وهى اخصر واحسن * وقال المصنف فى وسوس الوسوسة حديث النفس والشيطان بما لا نفع فيه ولا خير وقد وسوس له واليه وعبارة الصحاح وسوست اليه نفسه وقوله تعالى فوسوس لهما الشيطان يريد اليهما ولكن العرب توصل بهذه الحروف كلها الفعل وفى قوله الحروف كلها غرابة واغرب منه قوله ولكن العرب لانه اذا كان هذا الاستعمال عربيا فصيحا فما الداعى الى قوله يريد اليهما وعبارة المصباح وسوست اليه نفسه اذا حدثته ووسوس متعد بالى وقوله تعالى فوسوس لهما الشيطان اللام بمعنى
1 / 17
إلى فإن بنى للمفعول قبل موسوس اليه مثل المغضوب عليهم * وقال المصنف ايضا فى بشش البش والبشاشة طلاقة الوجه بشتت بالكسر ابش واللطف فى المسألة فلم يذكر ما يتعدى به من الحروف وعبارة الجوهرى البشاشة طلاقة الوجه وقد بششت به وقال المصنف ايضا فى حرص الحرص بالكسر الجشع وقد حرص ومفهومه انه يعدى بعلى مثل جشع لكنه عداه بالباء فى بقر حيث قال وبيفر هلك وقد وحرص يجمع المال على ان بين الحرص والجشع فرقا فان الاول يكون فيما يحمد ويذم بخلاف الثانى فإنه لا يكون فيما يحمد * وقال ايضا فى خبص خبصه يخبصه خلطه ومنه الخبيص المعمول من التمر والسمن وقد خبص يخبص وخبص تخبيصا وتخبص واختبص ومقتضاه ان اختبص لازم مثل تخبص وعبارة الاساس واختبصوه (اى الخبيص) اكلوه * وقال الجوهرى فى غبط تقول منه غبطته بما قال اغبطه غبطا وغبطة فاغتبط هو كقولك منعته فامتنع فجعل اغتبط للمطاوعة وقرن غبط بالبآء وعبارة التهذيب وقد اغتبطته فاغتبط فجعله لازما ومتعديا بنفسه والمصنف قرن غبط بعلى قوله او منزلة تغبط عليها * وقال الجوهرى ايضا فى حفظ يقال احتفظ بهذا الشئ اى احفظه فعدى احتفظ بالباء وعبارة المصنف واحتفظه لنفسه خصها به * وقال المصنف فى سمع استمع له واليه اصغى وعبارة الصحاح واستمعت كذا اى صغيت وعبارة المصباح وسمعته وسمعت له وتسمعت واستمعت كلها يتعدى بنفسها وبالحرف بمعنى * وقال الجوهرى فى صرف وصرفت الرجل فى امرى تصريفا فتصرف فيه واصطرف فى طلب الكسب وظاهره أن اصطرف لازم وان لم يفسره وعبارة المصنف واصطرف تصرف غى طلب الكسب ومثلها عبارة الاساس صرف الدراهم باعها بدراهم او دنانير واصطرفها اشتراها تقول لصاحبك بكم اصطرفت هذه الدراهم فيقول اصطرفتها بدينار فجعله متعديا بنفسه * وقال الجوهرى ايضا فة لحف التحف بالثوب تغطيت به فعداه بالبآء ونحوها عبارة المحكم والاساس والباب والقاموس والمصباح لكن المصنف حكى فى حمد عن الرباب انها قالت لامها هل انكح إلا قالت لأمها هل انكح إلا من أهوى والتحف الا من ارضى فعلته بنفسه * وقال الجوهرى ايضا فى سبق واستبقنا فى العدو اى تسابقنا فجعله لازما ونحوها عبارة المصباح مع انه ورد فى التنزيل متعديا وذلك قوله تعالى فاستبقوا الخيرات والمصنف قيده بالصراط ونص عبارته واتسبقا تسابقا والصراط جاوزاه وتركاه حتى ضلا * وقال الجوهرى ايضا فى سلك سلك الشئ فى الشئ فنسلك اى ادخلته فيه فدخل ولم يذكر سلك الطريق وعبارة المصنف سلك المكان وسلكه غيره واسلكه اياه وفيه وعليه ويده فى الجيب واسلكها ادخلها فيه واوضح منها عبارة المصباح فإنه قال سلكت الطريق
1 / 18
سلوكا من باب قعد ذهبت فيه ويتعدى بنفسه وبالبآء ايضا فيقال سلكت زيدا الطريق وسلكت به الطريق واسلكت فى اللزوم بالالف لغة نادرة فيتعدى بها ايضا وسلكت الشئ فى الشئ انقذته * وقال المصنف فى مسك مسك احتبس واعتصم به فعدى الثلاثى بالبآء وعطف عليه المزيد اشعارا بانه مثله وعبارة المحكم مسك بالشئ وامسك به وتمسك وتماسك واستمسك ومسك كله بمعنى احتبس وعبارة الصحاح امسكت الشئ وتمسكت به واستمسكت به واستمسكت به كله بمعنى اعتصمت به وكذلك مسكته تمسيكا فعدى امسك ومسك بنفسه وزاد امتسك واهمل تماسك لكنه ذكر بمعنى آخر في قوله وما تماسك أن قال ذلك اى ما تمالك وعبارة المصباح مسكت الشئ مسكا من بلب ضرب وتمسكت وامتسكت واستمسكت بمعنى اخذت به ونطقت واعتصمت وامسكته بيدى قبضته باليد فعدى مسك الثلاثى بنفسه خلافا للمصنف وكذلك عدى امسك بنفسخ تبعا للجوهرى وخلافا لصاحب المحكم وعندى ان مسكه المشدد الذى ذكره الجوهرى وصاحب المحكم مبالغة مسك * وقال الجوهرى فى عزل اعتزله وتعزله بمعنى ولم يفسره علىعاته وعبارة المحكم اعتزل الشئ وتعزله ويتعديان بعن تنحى عنه * وقال الجوهرى ايضا فى عمل واعتمل اضطرب فى العمل ومثلها عبارة العباب وظاهره انه لازم وعبارة المصنف واعتمل عمل بنفسه وعبارة الاساس والرجل يعتمر لنفسه ويستعمل غيره وهي عير صريحة فى كزنه لازما او متعديا وعبارة اللسان وفى حديث جير دفع اليهم ارضهم على ان يعتملوها من الموالهم اعتمال افتعال من العمل * وقال الجوهرى ايضا فى فضل الفضل والفضيلة خلاف النقص ولم يذكر فعله وانما قال بعد ذلك وفاضلته ففضلته اذا غلبته بالفضل والفضيلة خلاف النقص ولم يذكر فعله وانما قال بعد ذلك وفاضلته ففضلته اذا عليه بالفضل وعبارة المصنف الفضل ضد النقص وقد فضل كنصر وعلم فلم يصرح بتعديته وعبارة المصباح وفضل فضلا من باب قتل زاد وعبارة التهذيب فضل فلان على فلان اذا غلبه وفضلت الرجل غلبته * وقال الجوهرى ايضا فى قول قال يقول قولا وقولة ومقالا ومقالة ولم يفسره على عادته ولم يذكر ما يتصل به من الحروف ونحوها عبارة المصباح وعبارة المصنف القول الكلام او كل لفظ مذل به اللسان تاما او ناقصت قال قولا وقيلا وقولة ومقالة ومقالا الى ان قال وقال به غلب به ومنه سبحان من تعطف بالعز وقال به والقوم بفلان قتلوه وعبارة الكليات قال به حكم به واعتقد واعترف وغلب وقال عنه روى عنه وله خاطبه وعليه افترى وقال فيه اجتهد فعداه باكثر حروف الجر * وقال المصنف فى مطل المطل التسويف بالعدة والدين كالامتطال فلم يعلم من هذا الايجاز كيف يتعدى مطل وامتطل وعبارة المحكم المطل التسويف بالعدة والدين مطلة حقه وبه يمطله مطلا وامتطله فاضر المصنف لو نقل هذه العبارة كما هى * وقال المصنف فى حشم الحشمة بالكسر الحيآء والانقباض احتشم منه
1 / 19
وعنه وعبارة الاساس انا احتشمك واحتشم منك اى استحبى ونحوها عبارة الصحاح غير ان الجوهرى لم يفسره وعبارة المحكم الحشمة الحياء والانقباض وقد احتشم منه وعنه ولا يقال احتشمه فلما قول القائل ولم يحتشم ذلك فانه حذف من واوصل الفعل* وقال المصنف فى دوم وادامه واستداه ودوامه تأتى فيه او طلب دوامه فعدى دوام بنفسه وعبارة الصحاح المداومة على الامر المواظبة عليه فعدى دوام وواظب بعلى وعبارة المصباح داوم على الامر واظبه فعدى واظب هنا بنفسه وعداه فى مادته بعلى * وقال المصنف ايضا فى طبن طبن له كفرح فعلن وعبارة المحكم طبن لشئ وطبن له فطن * وقال الجوهرى ايضا فى عدو والعداون الظلم الصراح وقد عدا عليه وتعدى عليه واعتدى كله بمعنى وظاهره ان اعتدى يتعدى بعلى مثل عدا وتعدى وعبارة المضنف وعدا عليه ظلمه كتعدى واعتدى واعدى وعبارة المصباح عدا عليه ظلم وتجاوز الحد واعتدى وتعدى مثله مع انه ورد في التنزيل متعديا بنفسه وذلك قوله تعالى تلك حدود الله فلا تعتدوها * وقال المصنف فى وحى اوحى اليه بعد والهمه وعبارة الصحح يقال ويحث اليه الكلام واوحيت واوحى الله الى انبيائه واوحى اى اشار قال تعالى واوحى اليهم ان سبحوا بكرة وعشيا واوحيت اليه بخبر كذا اى اشرت وصوت به قلت قوله واوحى الله الى انبيائه واوحى هكذا رأيته فى نسختى ونسخة مصر وحق الفعل الأول أن يكون ثلاثيا وعبارة المصباح الوحى مصدر وحى اليه من باب وعد واوحى اليه بالالف مثله وبعض العرب يقول وحث اليه ووحيت له واوحيت اليه وله وهذا النموذج كاف * وربما ذكروا الفعل متعديا بنفسه فى مادته ثم ذكروه متعديا بالحرف فى موضع آخر مثله قول المصنف فى الميم علمه كسمعه عرفه وقال فى الراء شعريه علم به وقول الجوهرى فى فتش فتشت الشئ فتشا وفتشه تفتيشا وقال فى بحث بحثت عن الشئ وابتحثت عنه اى فتشت عنه ومثله تعدية صاحب المصباح واظب بنفسه داوم وبعلى فى مادته وربما عكسوا الامر كقول المصنف فى عنق وتعانقا وعانقا فى المحبة واعتنقا فى الحرب وقال فى علش واعتشهه اعتنقه وكقول الجوهرى فى نتف نتفت الشعر نتفا فانتتف فاورد انتتف مطاوعا ثم قال فى مرق والمراقة بذلك ما انتتفته من الصوف فعداء هنا بنفسه * والحق بذلك قول الزمخشرى فى صبح الصبحة نوم الضحى وشرب الصبوح وصبحته وغبقته واصطبح واغتبق واظاهره ان اصطبح واغتبق مطاوعات للثلاثى ثم قال فى غبق وتقول العرب ان كنت كاذبا فشربت غبوقا باردا اى عدمت اللبن حتى تغتبق المآء فعدى اغتبق هنا بنفسه وهذا النموذج كاف وهو من اشهر الافعال واكثرها تداولا * ومن متفرعات صعوبة تعدية الافعال أيضا معرفة
1 / 20
أدوات تعديتها فان اهل اللغة لم يستقروا ذلك قال العلامة المحشى عند قول المصنف وذهب به ازاله كاذهبه وبه ظاهره كاكثر ائمة اللغة والصرف أن التعدية باى معد كان فعنة الفعل واحد سوآء قلنا ذهب به او ذهبه او ذهب بالتضعيف فانها أدوات التعدية وهو أكثرها دورانا كما أشار اليه ابن هشام فى المغنى واوصل المعديات الى سب وذهبت طائفة منهم الهيلى الى ان التعدية بالبآء تلزم المصاحبة وبغيرها لا تلزم فاذا قلت ذهب به فعناه صاحبه فى الذهاب واذا قلت اذهبه او ذهبه تذهيبا فعناه صيره ذاهبا اه فجعل المشدد مثل اذهب واهل المغة ذكروه بمعنى طلاه بالذهب * وقال الامام الفيومى فالمصباح الثلاثة اللازم قد يتعدى بالهمزة أو التضعيف أو حرف الجر بحسب السماع وقد يجوز دخول الثلاثة عليه نحو نزل زنزلت به وانزلته ونزلته ويجوز أن يتعدى بنفسه نحو جآء زيد وجثته ونقص المآء ونقصته * وقال العلامة ابن هشام فى افعل وقيل النقل بالهمزة كله سماعى وقيل قياسى فى القاصر والمتعدى الى واحد والحق انه قياسى فى القاصر سماعى فى غيره وهو ظاهر مذهب سيبويه وقال فى فعل والنقل بالتضعيف سماعى فى القاصر وفى المتعدى لواحد نحو عملته الحساب ولم يسمع فى المتعدى لاثنين وظاهر قول سيبويه انه سماعى مطلقا وقيل قياسى فى القاصر والمتعدى الى واحد * وقال العلامة الرضى فى شرح الشافية عند قول المصنف وافعل للتعدية غالبا نحو اجلسته الخ وليست هذه الزيادات قياسا مطردا فليس لك ان تقول مثلا فى ظرف اظرف وفى نصر انصلا وأن هذا رد على الاخفش فى قياس اظن واحسب واخال على علم وارى وكذا لا تقول نصر ولا دخّل وكذا فة غير ذلك من الابواب بل يحتاج فى كل باب الى سماع استعمال اللفظ المعين وكذا استعماله فى المعنى المعين الاصلى الخ قلت أولا قوله لا تقول نصر ودخل عبارة العباب دخل التمر تدخيلا اذا جعله فى الدوخلة وتدخل الشئ دخل قليلا والجوهرى اقتصر على تدخل وهو قصور فان تدخل مطاوع دخل اما اقتصار صاحب العباب على التمر فهو من تساهل اللغويين فى التعبير * الثاني أن النقل بالهمزة قياسى فى التعجب نحو ما احسن زيدا وما ابرعه وما افضله فلم لم يطرد ذلك فى الاخبار وهو أكثر استعمالا من التعجب * ومن الصعب ايضا معرفة تعلق الافعال وما اشتق منها بمدلولاتها من حيث الاطلاق والتقييد كقول الجوهرى مثلا سبأت الخمر اذا اشتريتها لتشعر بها فقيد الشعرآء بقوله لتشهر بها وقوله ايضا وفلان مستهتر بالشراب اى مولع به لا يبالى ما قيل فيه فقيد الاستهتار بالشعراب وكقول المصنف تبحث الناقة كعنى نتاجا وانتجت وقد نتجنا أهلها وأنتجت الفرس حان نتاجها فقيد الفعل المجهول من الثلاثى والرباعى بالناقة والمعلوم بالفرس وقوله واختبر الخبز خبزه لنفسه فليد الاختباز بقوله لنفسه وهذا باب واسع من الابهام يضق عن استيفائه هذا المقام فكن من القيد فيه على حذر واذكر تحذيرى إن كنت ممن يتذكر
1 / 21