Lord Saville'in Suçu
جريمة اللورد سافيل
Türler
أما هو فلا قيمة لما يكون من أمره، ولن يعدم حربا تنشب فيقتل فيها، أو قضية يقف على خدمتها حياته. ولما كانت الحياة قد خلت من الطيب والنعيم؛ فإن الموت لم يعد فيه ما يخيف ويرعب، فليفعل القدر به ما شاء فلن يحرك هو أصبعا لإنفاذ مشيئته.
وارتدى ثيابه في منتصف الساعة الثامنة وقصد إلى ناديه؛ فألفى هناك أخاه سربيتون مع لفيف من أصدقائه، واضطر أن يتعشى معهم، ولم يرقه حديثهم التافه ونكاتهم الفارغة، فلما جيء بالقهوة تركهم وادعى أنه على موعد. فلما هم بالخروج من النادي ناوله البواب رسالة، وكانت من الهرونكلكوف وفيها يرجو منه أن يمر به في مساء اليوم التالي ليرى شمسية تنفجر بمجرد فتحها، وهي أحدث اختراع وقد جاء الآن من جينيف؛ فمزق الرسالة إربا إربا، فقد استقر عزمه على أن لا يحاول شيئا. ثم مضى إلى شاطئ التيمس، وقضى ساعات بجانب النهر، وكان القمر يطل من خلل السحب كأنه عين أسد، وكانت النجوم التي لا عداد لها منتثرة في هذه القبة الخاوية كأنها التبر منثورا في قبة لازوردية، وكان ربما أقلع زورق في النهر الجائش ومضى مع التيار، وكانت إشارات السكة الحديدية تتغير من الأخضر إلى الأحمر والقطر تمر خطفا وهي تصفر فوق الجسر. وبعد قليل دقت الساعة الثانية عشرة من برج وستمنستر، وكان الليل كأنه ينتفض عند كل دقة، ثم انطفأت مصابيح السكة الحديدية، ولم يبق سوى مصباح واحد يلتمع كأنه ياقوتة كبيرة على شراع ضخم، وسكنت ضجة المدينة.
ونهض في الساعة الثانية صباحا ومشى في اتجاه بلاك فرايرز ... وكان كل شيء يبدو له غير حقيقي، كأنما هو حلم غريب، وكأنما المساكن الواقعة على الضفة الأخرى مبنية من مادة الظلام، ولمن شاء أن يقول: إن الفضة والظلام قد صبا الدنيا في قالب جديد. وكانت قبة كنيسة سنت بول العظيمة تبدو في مرأى العين كأنها حبابة في الجو القاتم.
ورأى لما اقترب من مسلة كليوبطرة رجلا معتمدا على الحاجز، فلما دنا منه اعتدل الرجل ورفع رأسه، وضوء المصباح على وجهه. وكان هو المستر بودجرز قارئ الكف، فما يمكن أن يغلط أحد في وجهه السمين المنتفخ، ونظارته الذهبية وابتسامته الفاترة وفمه الغليظ.
فوقف اللورد أرثر، وقد طافت برأسه فكرة رائعة، وتسلل من خلفه، وما هي إلا دقيقة حتى أمسك بساقي المستر بودجرز ودفع به إلى النهر وألقاه فيه فسمعت لفظة قبيحة، وصوت غطسة قوية ثم ساد السكون. فحدق اللورد أرثر وهو قلق، ولكنه لم ير من قارئ الكف شيئا سوى قبعة عالية تخفق فوق ماء براق في ضوء القمر، وبعد قليل رسبت ولم يبق أثر يرى من المستر بودجرز، وخيل إليه مرة أنه رأى جسمه الضخم المشوه يخبط بيديه إلى السلم بجانب الجسر، فسرى في بدنه شعور مر بالإخفاق، ولكنه تبين أن هذا ليس إلا من انعكاس الضوء ، ولما خرج القمر من السحب، غاب هذا المنظر. وهكذا حقق ما قضت به المقادير؛ فتنفس الصعداء وهتف باسم سيبيل.
وقال له صوت من ورائه فجأة: هل سقط منك شيء يا سيدي؟
فدار فإذا شرطي معه مصباح.
فقال مبتسما: لا شيء له قيمة.
واستوقف مركبة واستقلها وأمر الحوذي أن يذهب به إلى ميدان بلجريف.
وتنازعه الأمل والخوف في الأيام القليلة التالية، وكان يخيل إليه أنه سيرى بودجرز داخلا عليه، ولكنه في أحيان أخرى كان يشعر أن القدر لا يمكن أن يظلمه هذا الظلم، وذهب إلى مسكن المستر بودجرز مرتين في شارع وست مون ولكنه لم يستطع أن يدق الجرس، وكان يتلهف على اليقين ويخشاه.
Bilinmeyen sayfa