وأقضية وفتاوى، ولكن سرعان ما فضحهم التاريخ وكشف عوارهم، كما حكاه الشعراني وغيره، والحمد لله الذي جعل الباطل زَهُوقًا.
وهكذا يمر بتواريخ تلك القرون ما لا يحصى من حوادث من أقيمت عليهم الفتن، واتهموا بما اتهموا به، مع أن الحدود تدرأ بالشبهات، ونعني بالحدود ما نص عليه في الكتاب العزيز وَالسُنَّةِ الغَرَّاءَ، فإذا كانت في تلك المكانة وقد شرع فيها محاولة درئها بالشبهات، فكيف بحدود لا سند لها إلا بالاجتهاد، وليس لها أصل قاطع، ولا نص محكم، فلا ريب أنها أولى بالدرء، وأجدر بالدفع، ولا يدري المرء ما الذي حملهم على نسيان هذه الموعظة حتى عكسوا القضية، وأصبحوا يكبرون الصغير، ويعظمون الحقير، ويهولون الأمور، ويدعون بالويل والثبور، مِمَّا لا يقومون بعشره للمنكرات المجمع عليها، والكبائر التي يُجَاهَرُ بِهَا، فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ولما تشددت القضاة المالكية في هذا الباب، أصبحوا هدفًا لأولي الألباب، حتى قال الإمام ابن الوردي في ذاك القاضي المتقدم الرباحي: إن المالكية بدمشق كتبوا إليه: «يا مغلوب، لقد بغضت مذهب مالك إلى القلوب، وقطعت المذاهب الأربعة عليه بالخطأ، وزالت بهجته عند الناس
1 / 47