يغمض عينيه ويلهث. -
ولوطا إذ قال لقومه ... يبتلع ريقه بصوت مسموع ...
إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون .
تلكزه العصا في كتفه. - مش الآية دي يا حمار! سمع آية إبليس!
يغمض عينيه ويفتح فمه. -
وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ... (وابتلع ريقه) وسجدوا جميعا للخليفة الفاسد إلا إبليس. حملق فيه الشيخ مسعود بعينين حمراوين. - الخليفة ما كانش فاسد يا حمار! - أمال مين اللي كان يفسد فيها ويسفك الدماء؟ - إنت بترد علي يا ولد؟ - أنا ...؟ - إخرس!
وانقطع صوته: نظر حوله إلى التلاميذ. التقت عيونهم من تحت سحابة. فوق كل عين نقطة بيضاء وذباب أسود. تلسعهم العصا فوق ظهورهم. عصا الشيخ في الكتاب ثم عصا رئيس الخفر. تجري الموسى فوق رءوسهم. تجتث الشعر. يتكدسون داخل العربة المصفحة. يطلون من وراء القضبان برءوسهم الصلعاء، وجوه طويلة كوجوه العجائز وعيون أطفال متسعة. من خلفهم عربة أخرى مصفحة تطل منها رءوس الخراف المحلوقة في طريقها إلى الذبح، ومن المذياع ينبعث صوت زنوبة يغني: الليلة عيد ع الدنيا سعيد!
تحت الضوء الشاحب يرى وجه زنوبة. ملامحها مألوفة رآها من قبل. بشرتها سمراء شاحبة. تفتح فمها عن آخره وتغمض عينيها. تضرب بقدميها الأرض. ترفس الهواء بذراعيها. صدرها يعلو ويهبط. تلهث. - الليلة عيد! الليلة عيد!
يدق الجنود بكعوبهم الأرض. يرفعون البنادق وعيونهم مغلقة. ينامون وهم واقفون. يصحون من النوم ويهتفون: الليلة عيد! عيد! يا يا يعيش! يا يا يعيش!
يتسلل من تحت اللحاف ويجري فوق قدميه الحافيتين. يجري في المساحات السوداء بلا توقف. من خلفه وقع الأقدام والأصوات تطارده تسقط القبعة النحاسية عن رأسه، والبدلة العسكرية تسقط ومعها السروال. يصبح ظهره عاريا في مهب الريح. رياح الخماسين تلسعه. يبتلع التراب وذرات الرمل، ويرتفع الكرباج إلى أعلى ثم يسقط. لا يسمع إلا صوت الهواء. لا يشعر بالألم، وحين يدخل دورة المياه يرى العلامات فوق ظهره. طويلة ملتوية كذيول السحالي. حمراء بلون الدم. - قول أنا مرة!
Bilinmeyen sayfa