Yer Çivileri Janaqu
الجنقو مسامير الأرض
Türler
الناس هنا لا يتنبئون ولكنهم يعرفون، يقرءون المستقبل دون لبس أو تشويش، بل يرونه.
وصتني وصيتا
الصافية أصبحت مشروع حياته الآني، والآني هنا كلمة مهمة وذات دلالات غير محايدة، وسوف يغتاظ فعليا إذا علم أنني أستخدمها في هذا السياق، فهو متقلب المزاج، طائش، تطوف برأسه أفكار كثيرة، وقد تكون متناقضة في ذات لحظة تولدها، ولكن الثابت أنه يتبناها ويشرع في تنفيذها مباشرة، تماما كما يفعل طفل نزق في الحلم، أو فنان مجنون في لوحة، وهذا طبعه منذ أن تعرفت عليه في طفولتنا الأولى، وأعرف ما دام اختلق فكرة مشروع الصافية، فإنه سيصل إلى قاع الفكرة المظلم البارد، وسيلقم من حصبائها المالحة، فما أعتبره تطفلا يسميه هو مهام صعبة، وهذا ما يفرق ما بين شخصيتي وشخصيته، وهو ليس اختلافا في الدرجة كما يظن كثير من أصدقائنا المشتركين، فهو مشكل أخلاق وفهم للحياة، أنا أحب الآخرين مع الاحتفاظ بمسافة، وإن كانت متوترة بيننا، أما هو فأول ما يفعله هو إلغاء هذه المسافة، لا يوجد - حسب وجهة نظري - في الصافية ما يجذب رجل مدينة، شرب مفاهيم جمال عربية منتجة بدقة عبر المدرسة ومناهجها، عبر التلفزيون والراديو والجرائد، عبر الشارع والتربية الدينية وحتى مفهومات أسرية، وفي إمكانه، وبين يديه هذا الموديل، رهن إشارته، فهي خيارات متنوعة سهلة وجاذبة في تناغم مع ذوق تنشأ عليه، وهو أيضا ليس مريضا نفسيا ولا رجلا شهوانيا، وإن يكن أعرف بالنساء مني، ولكن دافعه الأكبر نحو الصافية، كان دم المغامرة الساخن الذي يغلي في عروقه، فهو رجل لا يتحمل انغلاق اللغز إطلاقا، هذا ما أفهمه عنه؛ لذا لم أندهش عندما قال لي: أنا عايز أحسم موضوع الصافية دا.
قلت له: سوف تموت.
قال بثقة لا معنى لها: أنا لن أموت مقتولا، كلمتني قارئة فنجان وكف حلبية قابلتها في بورتسودان، أنا ح أموت غرقا وفي عمر كبير، ربما بين السبعين أو الثمانين. - كويس، هل قالت ليك ح تغرق بكامل أعضاء جسمك وأطرافك، عيونك مثلا؟
ضحك وهو يغلق باب الشارع خلفه، ولكني تلمست في ضحكه خوفا جيدا ومؤثرا، وقالت لي نفسي إنه سوف يلغي المغامرة، وهذا مؤكد؛ أنا العارف به.
كعادتها في الأيام الأخيرة، أخذت ألم قشي عندما ينتصف الليل تغلبها الوحدة، حيث إن أدي الأم خصصتها لي وحدي، أو هي التي خصت نفسها بي، تأتي إلي في منزل مختار علي، ونمضي معا إلى بيت أدي، طلبت مني ألم قشي ولأول مرة أن أجعلها تحبل مني بطفلة، قالتها واضحة هكذا: أنا عايزة كدا! عايزة بت منك! بت سمحة تشبهك كدا.
راقت لي الفكرة، وشحنتني بحماس شبقي رهيب، سيطرت على لساني، ومكامن اتخاذ القرار في عقلي، وكأنما أنا صاحب الفكرة، أو أنني كنت أنتظر مبادرة ما منها في هذا الشأن بالذات، وحتى لا يطلق على ابنتي بنت حرام، في مجتمع متخلف كمجتمع الحلة هذا، قلت لها: خلاص، ح أتزوجك.
قالت في هدوء: طبعا.
قلت لها: إمبارح اتزوج جنقوجوراي اسمه عبدارامان كلتومة بت خميسة.
Bilinmeyen sayfa