Yer Çivileri Janaqu
الجنقو مسامير الأرض
Türler
أكد لي أن مشروع الصافية بالنسبة إليه لم ينته بعد، وأنه قرر أن يخوض المعركة إلى آخر طلقة، ولم يكن تصريحه هذا غريبا، فأنا أعرفه لما يزيد على الثلاثين عاما من الصحبة، القراءة المشتركة، السفر، الفشل، الإحباط، النجاحات الكبيرة، العمل والعطالة، سيكون تصريحه غريبا إذا قال لي إنه تنازل عما سماه بمشروع الصافية، أو خاف، قال بثقة كبيرة: أنا بحلل وضع الصافية بالطريقة دي: امرأة عندما تثار جنسيا ينمو الصوف في جسمها كله، تطول أظافرها، وأذناها، تتحول ملامح وجهها إلى ما يشبه ذئبا كبيرا، أسدا، أو حتى قردا، فتهاجم العشيق، فيهرب، وهي نفسها لا تكون واعية بحقيقة ما يجري لها، ثم طرح سؤالا: الزول لو انتظر للنهاية ح يحصل ليه شنو؟ دعونا نفكر في هذا الموضوع بجدية، دعونا نفكر كيف نتعامل معها، يجب ألا نتركها هكذا تعاني وحدها هذه الأزمة الإنسانية الفريدة، نحن شركاء على الأقل في الإنسانية، نحن بشر، يعني هنالك مسألة تخص الفرد، تخص الجميع، وما يخص الجميع يخص الفرد، مسألة مصير واحد، مآل واحد، ثقب واحد يجب أن نعبر به جميعا نحو الحياة، أن يتعثر أحدنا فيه، يعني ألا يمر الآخرون، وأخذ يهذي بكلام أعرف أنه يجيده، والأسوأ أنه يؤمن به، والأسوأ أكثر أنه سيفعله، قدمت له نصيحة لا تفيده، وقد تكون طوق نجاة لغيره: أتمنى إنك ما ترمي بنفسك في التهلكة.
قال بقلق: تقصد ما أتطفل.
قلت ضاحكا: أيوه. قال: وجودنا هنا في «الحلة» مش نوع من التطفل؟ عندنا هنا شنو، غير ناس مطرودين من وزارة الصحة للصالح العام، كل يوم متطفلين على بلد من بلاد الله، وناس من ناس الله؟
فهمت أنه يعني فيما يعني أننا طالما تطفلنا على المكان، فنحن أيضا تطفلنا على الإنسان، والأمر سيان، كان دائما ما يكرر القول إنه يجب أن يترك أثرا واضحا أينما يذهب، وأن يدهش، وهذا الأثر وهذه الدهشة لا يتأتيان ما لم يفعل ما لا يستطيع فعله غيره وهم العامة والخاصة معا، ويختصر ذلك بالقول: اركب الصعب، أينما حللنا، كان يبحث عن الصعب والصعب فقط، يبحث عن الغرباء في الناس، في المجتمع، في المكان، في كل شيء، كان يتصيد السؤال، ولا يخشى التهلكة، بل يرمي فيها نفسه رميا. قلت له: ألم قشي وافقت على العمل في ميس الشركة.
أكلنا طعاما طبخه هو ومختار علي من اللوبيا البيضاء، والفرندو بالشرموط، اشترينا إنجيرا من بيت الأم، كان مختار علي دائما ما يحتفظ بمخزون من الدليخ في قطيته، حضرت ألم قشي وصنعت لنا القهوة بالزنجبيل والهبهان، ذهبنا الثلاثة إلى مقر الشركة جوار زريبة المحاصيل، حيث وجدنا العمال مجتهدين في بناء المؤسسة، لكننا استطعنا أن نلتقي بالمدير، وكان رجلا قصيرا نحيفا مبتسما قليل الكلام، مرحابا، مضيافا، أنيقا.
شكرنا مدير الشركة كثيرا، اعتبر قدومنا بألم قشي كي تعمل معهم في الميس، في هذا الوقت بالذات، عملا إنسانيا كبيرا، بركة من الله، ومساهمة في نجاح الشركة. في الحقيقة نحن نحتاج لامرأة نثق بها، أضاف: لولا وجودكم أنتم في الحلة، ما عارف كان نحنا نعمل شنو.
ولكني أحسست بمسحة غبشاء من الإحباط تعتري وجهه وهو يرحب بألم قشي، ويكيل لنا ولها الشكر.
قالت ألم قشي فيما بعد: كانوا عايزين بت صغيرة في العمر، على الأقل أجمل وأخف مني، أضافت: ح يقتنعوا إنه أنا أجمل مرا في الدنيا.
قلت لصديقي: ربما كان صاحبك عايز ملكة جمال في مكان في طرف الدنيا، تحيط به الغابات والخيران الموسمية، ومن سكانه الأصليين القرود، هذا المكان البعيد، الأرض المهمشة النشأت أصلا من المطاريد.
تركنا ألم قشي هناك ترتب أمر وظيفتها الجديدة، وعدنا أدراجنا إلى السوق، الساعة تشير إلى منتصف النهار، عمال البنك يعملون بجد ونشاط، سيدرك البنك الموسم الزراعي القادم، ويشاع أن هذا البنك سيغير خارطة الثروة والسلطة، وعلاقات الإنتاج في المنطقة لمصلحة محدودي الدخل، صغار المزارعين والفقراء، وسوف يقدم قروضا وسلفيات إسلامية غير ربوية لكل منتج ومزارع، وقد اجتهد البعض مفسرين كلمة منتج بأنه سوف لا ينسى أحدا، ويشمل ذلك فيما يشمل الاندايات الكبيرة، تجار الشنطة، وبائعات عرقي البلح والفحامة، وفكر ود أمونة في بار صغير على شاطئ النهر، كذلك الذي يوجد على الضفة الشرقية من نهر سيتيت بالحمرة، مطلا على قرية همدائييت، يرتاده أصحاب المزاج والملاماتية ما بعد منتصف النهار، حيث يعبرون النهر سباحة، بالرغم من أنه يوجد داخل حدود دولة أخرى وهي إثيوبيا، لكن ليس لأحدهم جواز، أو بطاقة، ولا حتى ورقة تحمل اسمه، من جهة أخرى فإن السلطات الإثيوبية لا تسأل عن شيء، سوف ينشئ ود أمونة بارا يستقطب هؤلاء الفارين إلى الكيف العابرين الأنهار، ولن يضطروا إلى المخاطرة بحياتهم غرقا.
Bilinmeyen sayfa