59

Camiu Li Ahkam'il-Kur'an

الجامع لاحكام القرآن

Araştırmacı

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Yayıncı

دار الكتب المصرية

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Yayın Yeri

القاهرة

وَاللَّهِ لَقَدْ أَسْلَمْتُ وَإِنَّهُ لَفِي صُلْبِ رَجُلٍ كَافِرٍ! يُرِيدُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ وَلِذَلِكَ قَالَ عبد الله ابن مسعود: يأهل الْعِرَاقِ، اكْتُمُوا الْمَصَاحِفَ الَّتِي عِنْدَكُمْ وَغُلُّوهَا فَإِنَّ اللَّهَ ﷿ يَقُولُ:" وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" فَالْقُوا اللَّهَ بِالْمَصَاحِفِ خَرَّجَهُ التِّرْمِذِيُّ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي هَذَا فِي سُورَةِ" آلِ عِمْرَانَ" «١» إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْأَنْبَارِيُّ: وَلَمْ يَكُنِ الِاخْتِيَارُ لِزَيْدٍ مِنْ جِهَةِ أَبِي بكر وعمر وعثمان على عبد الله ابن مَسْعُودٍ فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ، وَعَبْدُ اللَّهِ أَفْضَلُ مِنْ زَيْدٍ، وَأَقْدَمُ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَكْثَرُ سَوَابِقَ، وَأَعْظَمُ فَضَائِلَ، إِلَّا لِأَنَّ زَيْدًا كَانَ أَحْفَظَ لِلْقُرْآنِ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ إِذْ وَعَاهُ كُلَّهُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَيٌّ، وَالَّذِي حَفِظَ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ نيف وسبعون سُورَةً، ثُمَّ تَعَلَّمَ الْبَاقِيَ بَعْدَ وَفَاةِ الرَّسُولِ ﷺ، فَالَّذِي خَتَمَ الْقُرْآنَ وَحَفِظَهُ وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَيٌّ اولى بجمع المصاحف وأحق بالإيثار ولاختيار. وَلَا يَنْبَغِي أَنَّ يَظُنَّ جَاهِلٌ أَنَّ فِي هَذَا طَعْنًا عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، لِأَنَّ زَيْدًا إِذَا كَانَ أَحْفَظُ لِلْقُرْآنِ مِنْهُ فليس ذلك موجبا لتقدمه عَلَيْهِ، لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ﵄ كَانَ زَيْدٌ أَحْفَظَ مِنْهُمَا لِلْقُرْآنِ، وَلَيْسَ هُوَ خَيْرًا مِنْهُمَا وَلَا مُسَاوِيًا لَهُمَا فِي الْفَضَائِلِ وَالْمَنَاقِبِ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَمَا بَدَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مِنْ نَكِيرِ ذَلِكَ فَشَيْءٌ نَتَجَهُ الْغَضَبُ، وَلَا يُعْمَلُ بِهِ ولا يؤخذ به، ولا يشك في ان ﵁ قَدْ عَرَفَ بَعْدَ زَوَالِ الْغَضَبِ عَنْهُ حُسْنَ اخْتِيَارِ عُثْمَانَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَبَقِيَ عَلَى مُوَافَقَتِهِمْ وَتَرَكَ الْخِلَافَ لَهُمْ. فَالشَّائِعُ الذَّائِعُ الْمُتَعَالَمُ عِنْدَ أَهْلِ الرِّوَايَةِ وَالنَّقْلِ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ تَعَلَّمَ بَقِيَّةَ الْقُرْآنِ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ: مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ قَبْلَ أَنْ يَخْتِمَ القران. قال يزيد بن هارونه الْمُعَوِّذَتَانِ بِمَنْزِلَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ، مَنْ زَعَمَ أَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، فَقِيلَ لَهُ: فَقَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِيهِمَا؟ فَقَالَ: لَا خِلَافَ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ فِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ مَاتَ وَهُوَ لَا يَحْفَظُ الْقُرْآنَ كُلَّهُ. قُلْتُ: هَذَا فِيهِ نَظَرٌ، وَسَيَأْتِي. وَرَوَى إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ قَالَ حَمَّادٌ أَظُنُّهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانُوا يَخْتَلِفُونَ فِي الْآيَةِ فَيَقُولُونَ أَقْرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ

(١). في آية ١٦١ راجع ج ٤ ص ٢٥٦.

1 / 53