179

Camiu Li Ahkam'il-Kur'an

الجامع لاحكام القرآن

Araştırmacı

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Yayıncı

دار الكتب المصرية

Baskı Numarası

الثانية

Yayın Yılı

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Yayın Yeri

القاهرة

الْعَامِدُ لِتَرْكِهِ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَا لَا تَبْطُلُ بِتَرْكِ سُنَنِ الصَّلَاةِ. احْتَجَّ مَنْ لَمْ يُوجِبْهُ بِأَنْ قَالَ: لَوْ كَانَ مِنْ فَرَائِضِ الصَّلَاةِ لَرَجَعَ السَّاهِي عَنْهُ إِلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ، كَمَا لَوْ تَرَكَ سَجْدَةً أَوْ رَكْعَةً، وَيُرَاعَى فِيهِ مَا يُرَاعَى فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مِنَ الْوِلَاءِ وَالرُّتْبَةِ، ثُمَّ يَسْجُدُ لِسَهْوِهِ كَمَا يَصْنَعُ مَنْ تَرَكَ رَكْعَةً أَوْ سَجْدَةً وَأَتَى بِهِمَا. وفي حديث عبد الله بن بُحَيْنَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَامَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ وَنَسِيَ أَنْ يَتَشَهَّدَ فَسَبَّحَ النَّاسُ خَلْفَهُ كَيْمَا يَجْلِسَ فَثَبَتَ قَائِمًا فَقَامُوا، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ سَجَدَ سَجْدَتَيِ السَّهْوِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَلَوْ كَانَ الْجُلُوسُ فَرْضًا لَمْ يُسْقِطْهُ النِّسْيَانُ وَالسَّهْوُ، لِأَنَّ الْفَرَائِضَ فِي الصَّلَاةِ يَسْتَوِي فِي تَرْكِهَا السَّهْوُ وَالْعَمْدُ إِلَّا فِي الْمُؤْتَمِّ. وَاخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْجُلُوسِ الْأَخِيرِ فِي الصَّلَاةِ وَمَا الْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ. وَهِيَ: السَّابِعَةَ عَشْرَةَ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الجلوس فرض والتشهيد فَرْضٌ وَالسَّلَامَ فَرْضٌ. وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي رِوَايَةٍ، وَحَكَاهُ أَبُو مُصْعَبٍ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْ مَالِكٍ وَأَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَبِهِ قَالَ دَاوُدُ. قَالَ الشَّافِعِيُّ: مَنْ تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ وَالصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ سَجَدَتَا السَّهْوِ لِتَرْكِهِ. وَإِذَا تَرَكَ التَّشَهُّدَ الْأَخِيرَ سَاهِيًا أَوْ عَامِدًا أَعَادَ. وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ بَيَانَ النَّبِيِّ ﷺ فِي الصَّلَاةِ فَرْضٌ، لِأَنَّ أَصْلَ فَرْضِهَا مُجْمَلٌ يَفْتَقِرُ إِلَى الْبَيَانِ إِلَّا مَا خَرَجَ بِدَلِيلٍ وَقَدْ قَالَ ﷺ: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي). الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ الْجُلُوسَ وَالتَّشَهُّدَ وَالسَّلَامَ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ كُلُّهُ سُنَّةٌ مَسْنُونَةٌ، هَذَا قَوْلُ بَعْضِ الْبَصْرِيِّينَ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُلَيَّةَ، وَصَرَّحَ بِقِيَاسِ الْجِلْسَةِ الْأَخِيرَةِ عَلَى الْأُولَى، فَخَالَفَ الْجُمْهُورَ وَشَذَّ، إِلَّا أَنَّهُ يَرَى الْإِعَادَةَ عَلَى مَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ. وَمِنْ حُجَّتِهِمْ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: (إِذَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ آخِرِ سَجْدَةٍ فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ أَحْدَثَ فَقَدْ تَمَّتْ صَلَاتُهُ) وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو عُمَرَ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي كِتَابِ الْمُقْتَبَسِ «١». وَهَذَا اللَّفْظُ إِنَّمَا يُسْقِطُ السَّلَامَ لا الجلوس.

(١). في بعض الأصول: (المفتين).

1 / 173