أمرهما عبد الله بن الزبير أن يجعلا الركن فى ثوب ويخرجا به، وهو يصلى بالناس الظهر على غفلة من الناس لئلا يعلموا بذلك فيتنافسوا فى وضعه. أخرجه الأزرقى (1).
وقيل: وضعه حمزة ابنه وحده بأمر أبيه. نقله السهيلى بالصواب.
وكان الحجر قد تصدع من الحريق وانفرق ثلاث فرق، وانشظت منه شظية كانت عند بعض آل شيبة بعد الحريق بدهر طويل، فشده ابن الزبير بالفضة إلا تلك الشظية، وموضعها بين فى أعلى الركن. ثم تزلزلت تلك الفضة بعد ذلك وتقلقلت حتى خيف على الحجر. فلما اعتمر هارون الرشيد فى سنة تسع وثمانين ومائة أمر بنقب الأحجار التى فوق الحجر والتى تحته فنقبت بالماس من فوقها ومن تحتها ثم أفرغ فيها الفضة.
ولما فرغ ابن الزبير رضى الله عنه من بناء الكعبة وذلك فى سابع وعشرين من رجب من سنة خمس وستين خلق جوفها بالعنبر والمسك ولطخ جدرانها من خارج بذلك من أعلاها إلى أسفلها وسترها بالديباج، وقيل: بالقباطى، وما فضل من الحجارة فرشها حول البيت، وقال: من كانت لى عليه طاعة فليعتمر من التنعيم شكرا لله عز وجل، ومن قدر أن ينحر بدنة فليفعل، ومن لم يقدر على بدنة فليذبح شاة، ومن لم يقدر فليتصدق بقدر طوله. ثم خرج ماشيا حافيا وخرج معه رجال من قريش مشاة حفاة: عبد الله بن صفوان وعبيد بن عمير فأحرم من أكمة أمام مسجد عائشة رضى الله عنها بمقدار غلوة تقارب المسجد المنسوب لعلى، وجعل طريقه على ثنية الحجون، ودخل من أعلى مكة وطاف بالبيت، واستلم الأركان الاربعة، وقال: إنما كان ترك استلام الركنين يعنى الشامى والغربى لأن البيت لم يكن تاما يعنى على قواعد إبراهيم. وصارت هذه العمرة سنة عند أهل مكة فى هذا اليوم يعتمرونها فى كل سنة إلى يومنا هذا.
وأهدى ابن الزبير فى تلك العمرة مائة بدنة نحرها من جهة التنعيم، وبعض طرق الحل ولم يبق من أشراف مكة وذوى الاستطاعة بها إلا من أهدى، وأقاموا أياما يتطاعمون ويتهادون شكرا لله تعالى على الإعانة والتيسير على بناء بيته الحرام بالصفة التى كان عليها مدة الخليل (عليه السلام)، والله أعلم.
(وأما سبب بناء الحجاج وتغييره) بعض ما صنعه ابن الزبير فهو أن ابن الزبير رضى الله عنه لما
Sayfa 87