وعن عطاء أنه قال: كنت فى الأمناء الذين جمعوا على حفره فحفروا قامة ونصفا فهجموا على حجارة لها عروق تتصل بزرد عروق المروة فحركوها بالعتل، فتحركت قواعد البيت وارتجت مكة بأسرها. ورأوه بنيانا مربوطا بعضه ببعض فحمد الله ابن الزبير وكبر (1).
ثم أحضر الناس وأمرهم بالإشراف فنزلوا وشاهدوا ذلك. فشرع حينئذ فى أمر البناء وأراد أن يبنيها بالورس، فقيل له: إن الورس يذهب. ولكن ابنها بالقصة (2)، وأخبر أن قصة صنعاء (3) أجود فأرسل بأربعمائة دينار يشترى بها ذلك (4).
وفى «الزهر الباسم» أنه بناها بالرصاص المذاب بالورس.
ثم إنه سأل رجالا من أهل العلم بمكة من أين أخذت قريش حجارتها؟ فأخبروه بمقلعها، فنقل ما احتاج إليه وعزل من حجارة البيت ما يصلح أن يعاد فيه، ثم بنى على تلك القواعد بعد بأن جعل أعمدة من الخشب وستر عليها الستور ليطوف الناس من ورائها ويصلون إليها حتى ارتفع البناء (5).
وأخرج الأزرقى أن البناء لما صار ثمانية عشر ذراعا فى السماء وكان هذا طولها يوم هدمها، قصرت حينئذ لأجل الزيادة التى زادها من الحجر، فلم يعجب ابن الزبير ذلك إذ صارت عريضة لا طول لها، فقال: قد كانت قبل قريش تسعة أذرع، وزادت قريش تسعة أذرع، وأنا أزيد تسعة أخرى. فبناها سبعة وعشرين ذراعا وعرض الجدار ذراعان. وجعل فيها ثلاث دعائم فى صف واحد. وكانت قريش جعلت فيها ست دعائم فى صفين، وأرسل إلى صنعاء فأتى برخام منها يقال له البلق، فجعله فى الروازن الذى فى سقفها للضوء (6). انتهى.
أقول: هذا يخالف ما تقدم عن الأزرقى من أن طول البيت كان سبعة وعشرين ذراعا فاقتصرت قريش إلخ كما سبق الكلام فيه. انتهى.
Sayfa 85