كما ستقف عليه، وهو مجرد تأسيس، الثانية: بناء الخليل. الثالثة: بناء قريش. الرابعة: بناء ابن الزبير والحجاج، ويكون البناء الأول والرابع مشتركا. ثم القول بأن ذلك فى آنين فهو تأسيس أيضا كما ذكره الفاسى فى «شفاء الغرام» لا بناء مرتفع كغيره من الأبنية الآتى وصفها، لأنه حينئذ يحتاج إلى معرفة السبب فى نقض بناء الملائكة على تقدير أوليته حتى بناه آدم، وفى نقض بناء آدم أن لو كان أولا حتى بنته الملائكة، كما ستعلمه عند ذكر أسباب الأبنية الآتية إن شاء الله تعالى.
ولم أر أحدا ذكر ذلك فيما وقفت عليه ولا تعرض لمقدار ارتفاع بناء الملائكة وآدم فى السماء كم هو؟ فيحتمل أنه كان مرتفعا وحفظ من الهدم والتغير إلى أن بنى عليه آدم أو الملائكة على الخلاف أيهما كان أولا، أو أنه انهدم لتناسخ القرون فبنى ثانيا على ما وجد من الأساس، أو لم يكن هناك ارتفاع أصلا بل مجرد تأسيس فبنى عليه، ويحتمل غير ذلك والله أعلم بحقائق الأمور. انتهى.
وقد آن الشروع فى ذكر الأسباب المشار إليها:
أما سبب بناء الملائكة عليهم الصلاة والسلام: فروى عن على بن الحسين رضى الله عنهما أنه قال: لما قال الله للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة (سورة البقرة: 30) قالت: أى رب، خليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء، فغضب عليهم، فلاذوا بالعرش ورفعوا رءوسهم وأشاروا بالأصابع يتضرعون ويبكون إشفاقا لغضبه، فطافوا بالعرش ثلاث ساعات، وفى رواية سبعة أطواف يسترضون ربهم، فرضى عنهم وقال لهم: ابنوا لى فى الأرض بيتا، يعوذ به كل من سخطت عليه من خلقى، فيطوف حوله كما فعلتم بعرشى، فأغفر له كما غفرت لكم، فبنوا البيت الحرام (1).
قال العلامة عماد الدين ابن كثير (رحمه الله): قول الملائكة (عليهم السلام): أتجعل فيها (سورة البقرة: 30) الآية سؤال على وجه الاستكشاف والاستعلام على وجه الحكمة، لا على وجه الاعتراض والتنقص لبنى آدم والحسد لهم. كما توهمه بعض جهلة المفسرين (2).
Sayfa 69