ضرب لكم مثلا من أنفسكم
[الروم: 28] بمعنى وصف لكم، وكما قال الكميت:
وذلك ضرب أخماس أريدت
لأسداس عسى أن لا تكونا
بمعنى وصف أخماس. والمثل: الشبه، يقال: هذا مثل هذا ومثله، كما يقال: شبهه وشبهه، ومنه قول كعب بن زهير:
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا
وما مواعيدها إلا الأباطيل
يعني شبها. فمعنى قوله إذا: { إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا }: إن الله لا يخشى أن يصف شبها لما شبه به وأما «ما» التي مع «مثل» فإنها بمعنى «الذي»، لأن معنى الكلام: إن الله لا يستحيي أن يضرب الذي هو بعوضة في الصغر والقلة فما فوقها مثلا. فإن قال لنا قائل: فإن كان القول في ذلك كما قلت فما وجه نصب البعوضة، وقد علمت أن تأويل الكلام على ما تأولت: { إن الله لا يستحى أن يضرب مثلا } الذي هو بعوضة، فالبعوضة على قولك في محل الرفع، فأنى أتاها النصب؟ قيل: أتاها النصب من وجهين: أحدهما أن ما لما كانت في محل نصب بقوله: { يضرب } وكانت البعوضة لها صلة أعربت بتعريبها فألزمت إعرابها كما قال حسان بن ثابت:
وكفى بنا فضلا على من غيرنا
حب النبي محمد إيانا
Bilinmeyen sayfa