380

Taberi Tefsiri

جامع البيان في تفسير القرآن

، ولم أدر ما هو، ففتلت خيطين من أبيض وأسود، فنظرت فيهما عند الفجر، فرأيتهما سواء. فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله كل شيء أوصيتني قد حفظت، غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود، قال:

" وما منعك يا ابن حاتم؟ "

وتبسم كأنه قد علم ما فعلت. قلت: فتلت خيطين من أبيض وأسود فنظرت فيهما من الليل فوجدتهما سواء. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رئي نواجذه، ثم قال:

" ألم أقل لك من الفجر؟ إنما هو ضوء النهار وظلمة الليل "

حدثنا أبو كريب، قال: ثنا مالك بن إسماعيل، قال: ثنا داود وابن علية جميعا، عن مطرف، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أهما خيطان أبيض وأسود؟ فقال:

" إنك لعريض القفا إن أبصرت الخيطين "

، ثم قال:

" لا ولكنه سواد الليل وبياض النهار "

حدثني أحمد بن عبد الرحيم البرقي، قال: ثنا ابن أبي مريم، قال: ثنا أبو غسان، قال: ثنا أبو حازم عن سهل بن سعد، قال: نزلت هذه الآية: { وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود } فلم ينزل { من الفجر } قال: فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأسود والخيط الأبيض، فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له فأنزل الله بعد ذلك: { من الفجر } فعلموا إنما يعني بذلك: الليل والنهار. وقال متأولو وقول الله تعالى ذكره: { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } أنه بياض النهار وسواد الليل، صفة ذلك البياض أن يكون منتشرا مستفيضا في السماء يملأ بياضه وضوءه الطرق، فأما الضوء الساطع في السماء فإن ذلك غير الذي عناه الله بقوله: { الخيط الأبيض من الخيط الأسود }.

ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: ثنا معتمر بن سليمان، قال: سمعت عمران بن حدير، عن أبي مجلز: الضوء الساطع في السماء ليس بالصبح، ولكن ذاك الصبح الكاذب، إنما الصبح إذا انفضح الأفق. حدثني مسلم بن جنادة السوائي، قال: ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن مسلم، قال: لم يكونوا يعدون الفجر فجركم هذا، كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عثام، عن الأعمش، عن مسلم: ما كانوا يرون إلا أن الفجر الذي يستفيض في السماء. حدثنا الحسن بن عرفة، قال: ثنا روح بن عبادة، قال: ثنا ابن جريج، قال: أخبرني عطاء أنه سمع ابن عباس يقول: هما فجران، فأما الذي يسطع في السماء فليس يحل ولا يحرم شيئا، ولكن الفجر الذي يستبين على رءوس الجبال هو الذي يحرم الشراب. حدثنا الحسن بن الزبرقان النخعي، قال: ثنا أبو أسامة، عن محمد بن أبي ذؤيب، عن الحرث بن عبد الرحمن، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، قال: «الفجر فجران، فالذي كأنه ذنب السرحان لا يحرم شيئا، وأما المستطير الذي يأخذ الأفق فإنه يحل الصلاة ويحرم الصوم». حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع وإسماعيل بن صبيح وأبو أسامة، عن أبي هلال، عن سوادة بن حنظلة، عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

Bilinmeyen sayfa