Taberi Tefsiri

Taberi d. 310 AH
238

Taberi Tefsiri

جامع البيان في تفسير القرآن

يعني بقوله جل ثناؤه: { وإذا قيل لهم } وإذا قيل لليهود من بني إسرائيل الذين كانوا بين ظهراني مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم: { آمنوا } أي صدقوا، { بما أنزل الله } يعني بما أنزل الله من القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم. { قالوا نؤمن } أي نصدق، { بما أنزل علينا } يعني بالتوراة التي أنزلها الله على موسى. القول في تأويل قوله تعالى: { ويكفرون بما وراءه }. يعني جل ثناؤه بقوله: { ويكفرون بما وراءه } ويجحدون بما وراءه، يعني بما وراء التوراة. قال أبو جعفر: وتأويل «وراءه» في هذا الموضع «سوى» كما يقال للرجل المتكلم بالحسن: ما وراء هذا الكلام شيء، يراد به ليس عند المتكلم به شيء سوى ذلك الكلام فكذلك معنى قوله: { ويكفرون بما وراءه } أي بما سوى التوراة وبما بعده من كتب الله التي أنزلها إلى رسله. كما: حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { ويكفرون بما وراءه } يقول: بما بعده. حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: { ويكفرون بما وراءه } أي بما بعده، يعني بما بعد التوراة. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع: { ويكفرون بما وراءه } يقول: بما بعده. القول في تأويل قوله تعالى: { وهو الحق مصدقا لما معهم }. يعني بقوله جل ثناؤه: { وهو الحق مصدقا } أي ما وراء الكتاب الذي أنزل عليهم من الكتب التي أنزلها الله إلى أنبيائه الحق. وإنما يعني بذلك تعالى ذكره القرآن الذي أنزله إلى محمد صلى الله عليه وسلم. كما: حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه } وهو القرآن. يقول الله جل ثناؤه: { وهو الحق مصدقا لما معهم }. وإنما قال جل ثناؤه: { مصدقا لما معهم } لأن كتب الله يصدق بعضها بعضا ففي الإنجيل والقرآن من الأمر باتباع محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان به وبما جاء به، مثل الذي من ذلك في توراة موسى عليه السلام فلذلك قال جل ثناؤه لليهود إذ خبرهم عما وراء كتابهم الذي أنزله على موسى صلوات الله عليه من الكتب التي أنزلها إلى أنبيائه: { إنه الحق } مصدقا للكتاب الذي معهم، يعني أنه له موافق فيما اليهود به مكذبون. قال: وذلك خبر من الله أنهم من التكذيب بالتوراة على مثل الذي هم عليه من التكذيب بالإنجيل والفرقان، عنادا لله وخلافا لأمره وبغيا على رسله صلوات الله عليهم. القول في تأويل قوله تعالى: { قل لم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين }.

يعني جل ذكره بقوله: { قل فلم تقتلون أنبياء الله }: قل يا محمد ليهود بني إسرائيل الذين إذا قلت لهم: { آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا لم تقتلون } إن كنتم يا معشر اليهود مؤمنين بما أنزل الله عليكم { أنبياءه } وقد حرم الله في الكتاب الذي أنزل عليكم قتلهم، بل أمركم فيه باتباعهم وطاعتهم وتصديقهم. وذلك من الله جل ثناؤه تكذيب لهم في قولهم: { نؤمن بما أنزل علينا } وتعيير لهم. كما: حدثني موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: قال الله تعالى ذكره وهو يعيرهم، يعني اليهود: { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين }. فآن قال قائل: وكيف قيل لهم: { فلم تقتلون أنبياء الله من قبل } فابتدأ الخبر على لفظ المستقبل، ثم أخبر أنه قد مضى؟ قيل: إن أهل العربية مختلفون في تأويل ذلك، فقال بعض البصريين: معنى ذلك: فلم قتلتم أنبياء الله من قبل؟ كما قال جل ثناؤه: واتبعوا ما تتلو الشياطين أي ما تلت، وكما قال الشاعر:

ولقد أمر على اللئيم يسبني

فمضيت عنه وقلت لا يعنيني

يريد بقوله: «ولقد أمر»: ولقد مررت. واستدل على أن ذلك كذلك بقوله: «فمضيت عنه»، ولم يقل: «فأمضي عنه». وزعم أن «فعل ويفعل» قد تشترك في معنى واحد، واستشهد على ذلك بقول الشاعر:

وإني لآتيكم بشكري ما مضى

من الأمر واستيجاب ما كان في غد

يعني بذلك: ما يكون في غد. وبقول الحطيئة:

شهد الخطيئة يوم يلقى ربه

أن الوليد أحق بالعذر

Bilinmeyen sayfa