وما بيثرب من عون وأبكار
وجمعها عون يقال: امرأة عوان من نسوة عون. ومنه قول تميم بن مقبل:
ومأتم كالدمى حور مدامعها
لم تيأس العيش أبكارا ولا عونا
وبقرة عوان وبقر عون. قال: وربما قالت العرب: بقر عون، مثل رسل يطلبون بذلك الفرق بين جمع عوان من البقر، وجمع عانة من الحمر. ويقال: هذه حرب عوان: إذا كانت حربا قد قوتل فيها مرة بعد مرة، يمثل ذلك بالمرأة التي ولدت بطنا بعد بطن. وكذلك يقال: حاجة عوان إذا كانت قد قضيت مرة بعد مرة. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب أن ابن زيد أنشده:
قعود لدى الأبواب طلاب حاجة
عوان من الحاجات أو حاجة بكرا
قال أبو جعفر: والبيت للفرزدق. وبنحو الذي قلنا في ذلك تأوله أهل التأويل. ذكر من قال ذلك. حدثنا علي بن سعد الكندي، ثنا عبد السلام بن حرب، عن خصيف، عن مجاهد: { عوان بين ذلك }: وسط قد ولدت بطنا أو بطنين. حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { عوان } قال: العوان: العانس النصف. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: العوان: النصف. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن عطية، قال: ثنا شريك، عن خصيف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أو عكرمة، شك شريك: { عوان } قال: بين ذلك. حدثت عن المنجاب، قال: ثنا بشر، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: عوان قال بين الصغيرة والكبيرة، وهي أقوى ما تكون من البقر والدواب وأحسن ما تكون. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسن، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج، عن عطاء الخراساني عن ابن عباس: { عوان } قال: النصف. حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: { عوان } نصف.
وحدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله. حدثنا بشر بن معاذ، قال : ثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة: العوان: نصف بين ذلك. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا شريك، عن خصيف، عن مجاهد: { عوان } التي تنتج شيئا بشرط أن تكون التي قد نتجت بكرة أو بكرتين. حدثنا موسى، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: العوان: النصف التي بين ذلك، التي قد ولدت وولد ولدها. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: العوان: بين ذلك ليست ببكر ولا كبيرة. القول في تأويل قوله تعالى: { بين ذلك }. يعني بقوله: { بين ذلك }: بين البكر والهرمة. كما: حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: { بين ذلك }: أي بين البكر والهرمة. فإن قال قائل: قد علمت أن «بين» لا تصلح إلا أن تكون مع شيئين فصاعدا، فكيف قيل بين ذلك وذلك واحد في اللفظ؟ قيل: إنما صلحت مع كونها واحدة، لأن «ذلك» بمعنى اثنين، والعرب تجمع في «ذلك» و«ذاك» شيئين ومعنيين من الأفعال، كما يقول القائل: أظن أخاك قائما، وكان عمرو أباك، ثم يقول: قد كان ذاك، وأظن ذلك. فيجمع بذلك وذاك الاسم والخبر الذي كان لا بد ل«ظن» و«كان» منهما. فمعنى الكلام: قال: إنه يقول أنها بقرة لا مسنة هرمة ولا صغيرة لم تلد، ولكنها بقرة نصف قد ولدت بطنا بعد بطن بين الهرم والشباب. فجمع ذلك معنى الهرم والشباب لما وصفنا، ولو كان مكان الفارض والبكر اسما شخصين لم يجمع مع بين ذلك، وذلك أن «ذلك» لا يؤدي عن اسم شخصين، وغير جائز لمن قال: كنت بين زيد وعمر، أن يقول: كنت بين ذلك، وإنما يكون ذلك مع أسماء الأفعال دون أسماء الأشخاص. القول في تأويل قوله تعالى: { فافعلوا ما تؤمرون }. يقول الله لهم جل ثناؤه: افعلوا ما آمركم به تدركوا حاجاتكم وطلباتكم عندي، واذبحوا البقرة التي أمرتكم بذبحها، تصلوا بانتهائكم إلى طاعتي بذبحها إلى العلم بقاتل قتيلكم.
[2.69]
Bilinmeyen sayfa