ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة
[البقرة: 58] فأبوا أن يسجدوا أمر الله الجبل أن يقع عليهم، فنظروا إليه وقد غشيهم، فسقطوا سجدا على شق، ونظروا بالشق الآخر. فرحمهم الله، فكشفه عنهم. فذلك قوله:
وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة
[الأعراف: 171] وقوله: { ورفعنا فوقكم الطور }. وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: الجبل بالسريانية: الطور. وقال آخرون: الطور: اسم للجبل الذي ناجى الله موسى عليه. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس الطور: الجبل الذي أنزلت عليه التوراة، يعني على موسى، وكانت بنو إسرائيل أسفل منه. قال ابن جريج: وقال لي عطاء: رفع الجبل على بني إسرائيل فقال: لتؤمنن به أو ليقعن عليكم، فذلك قوله:
كأنه ظلة
[الأعراف: 171] وقال آخرون: الطور من الجبال: ما أنبت خاصة. ذكر من قال ذلك: حدثت عن المنجاب، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس في قوله: { الطور } قال: الطور من الجبال: ما أنبت، وما لم ينبت فليس بطور. القول في تأويل قوله تعالى: { خذوا مآ ءاتينكم بقوة }. قال أبو جعفر: اختلف أهل العربية في تأويل ذلك، فقال بعض نحويي أهل البصرة: هو مما استغني بدلالة الظاهر المذكور عما ترك ذكره له، وذلك أن معنى الكلام: ورفعنا فوقكم الطور وقلنا لكم خذوا ما آتيناكم بقوة، وإلا قذفناه عليكم. وقال بعض نحويي أهل الكوفة: أخذ الميثاق قول فلا حاجة بالكلام إلى إضمار قول فيه، فيكون من كلامين غير أنه ينبغي لكل ما خالف القول من الكلام الذي هو بمعنى القول أن يكون معه أن كما قال الله جل ثناؤه:
إنآ أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك
[نوح: 1] قال: ويجوز أن تحذف أن. والصواب في ذلك عندنا أن كل كلام نطق به مفهوم به معنى ما أريد ففيه الكفاية من غيره، ويعني بقوله: { خذوا مآ ءاتينكم }: ما أمرناكم به في التوراة، وأصل الإيتاء: الإعطاء.
ويعني بقوله: { بقوة } بجد في تأدية ما أمركم فيه وافترض عليكم. كما: حدثت عن إبراهيم بن بشار، قال: حدثنا ابن عيينة، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { خذوا مآ ءاتينكم بقوة } قال: تعملوا بما فيه. وحدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. وحدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: { خذوا مآ ءاتينكم بقوة } قال: بطاعة. وحدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: { خذوا مآ ءاتينكم بقوة } قال: القوة: الجد، وإلا قذفته عليكم. قال: فأقروا بذلك أنهم يأخذون ما أوتوا بقوة. وحدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: { بقوة }: يعني بجد واجتهاد. وحدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد وسألته عن قول الله: { خذوا مآ ءاتينكم بقوة } قال: خذوا الكتاب الذي جاء به موسى بصدق وبحق. فتأويل الآية إذا: خذوا ما افترضناه عليكم في كتابنا من الفرائض فاقبلوه واعملوا باجتهاد منكم في أدائه من غير تقصير ولا توان. وذلك هو معنى أخذهم إياه بقوة بجد. القول في تأويل قوله تعالى: { واذكروا ما فيه لعلكم تتقون }. قال أبو جعفر: يعني: واذكروا ما فيما آتيناكم من كتابنا من وعد ووعيد شديد وترغيب وترهيب، فاتلوه واعتبروا به وتدبروه إذا فعلتم ذلك كي تتقوا وتخافوا عقابي بإصراركم على ضلالكم فتنتهوا إلى طاعتي وتنزعوا عما أنتم عليه من معصيتي. كما: حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة عن ابن عباس: { لعلكم تتقون } قال: تنزعون عما أنتم عليه. والذي آتاهم الله هو التوراة. كما: حدثني المثنى، قال: حدثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: { واذكروا ما فيه } يقول: اذكروا ما في التوراة. كما حدثت عن عمار بن الحسن، قال: ثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: { واذكروا ما فيه } يقول: أمروا بما في التوراة. وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سألت ابن زيد عن قول الله: { واذكروا ما فيه } قال: اعملوا بما فيه بطاعة لله وصدق، قال: وقال اذكروا ما فيه لا تنسوه ولا تغفلوه.
[2.64]
Bilinmeyen sayfa