حلول من حرام أو جذام
يعني بقوله أنبأه: أخبره وأعلمه. القول في تأويل قوله تعالى: { بأسماء هولاء }. قال أبو جعفر: حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى وحدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: { بأسمآء هؤلاء } قال: بأسماء هذه التي حدثت بها آدم. حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: { أنبئوني بأسمآء هؤلاء إن كنتم صدقين } يقول: بأسماء هؤلاء التي حدثت بها آدم. القول في تأويل قوله تعالى: { إن كنتم صادقين }. قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في ذلك. فحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس: { إن كنتم صدقين } إن كنتم تعلمون لم أجعل في الأرض خليفة. وحدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط عن السدي في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس، وعن مرة، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: { إن كنتم صدقين } أن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء. وحدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج، عن جرير بن حازم، ومبارك عن الحسن وأبي بكر، عن الحسن وقتادة قالا: { أنبئوني بأسمآء هؤلاء إن كنتم صدقين } أني لم أخلق خلقا إلا كنتم أعلم منه، فأخبروني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين. قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية تأويل ابن عباس ومن قال بقوله. ومعنى ذلك فقال: أنبئوني بأسماء من عرضته عليكم أيتها الملائكة القائلون:
أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدمآء
[البقرة: 30] من غيرنا، أم منا؟ فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك إن كنتم صادقين في قيلكم أني إن جعلت خليفتي في الأرض من غيركم عصاني ذريته، وأفسدوا فيها، وسفكوا الدماء، وإن جعلتكم فيها أطعتموني، واتبعتم أمري بالتعظيم لي والتقديس. فإنكم إن كنتم لا تعلمون أسماء هؤلاء الذين عرضتهم عليكم من خلقي وهم مخلوقون موجودون ترونهم وتعاينونهم، وعلمه غيركم بتعليمي إياه، فأنتم بما هو غير موجود من الأمور الكائنة التي لم توجد بعد، وبما هو مستتر من الأمور التي هي موجودة عن أعينكم أحرى أن تكونوا غير عالمين، فلا تسألوني ما ليس لكم به علم، فإني أعلم بما يصلحكم ويصلح خلقي. وهذا الفعل من الله جل ثناؤه بملائكته الذين قالوا له:
أتجعل فيها من يفسد فيها
[البقرة: 30] من جهة عتابه جل ذكره إياهم، نظير قوله جل جلاله لنبيه نوح صلوات الله عليه، إذ قال:
رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين
[هود: 45]
فلا تسئلن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين
[هود : 46] فكذلك الملائكة سألت ربها أن تكون خلفاءه في الأرض يسبحوه ويقدسوه فيها، إذ كان ذرية من أخبرهم أنه جاعله في الأرض خليفة، يفسدون فيها، ويسفكون الدماء، فقال لهم جل ذكره: { إني أعلم ما لا تعلمون } يعني بذلك أني أعلم أن بعضكم فاتح المعاصي وخاتمها وهو إبليس منكرا بذلك تعالى ذكره قولهم. ثم عرفهم موضع هفوتهم في قيلهم ما قالوا من ذلك، بتعريفهم قصور علمهم عما هم له شاهدون عيانا، فكيف بما لم يروه ولم يخبروا عنه بعرضه ما عرض عليهم من خلقه الموجودين يومئذ، وقيله لهم: { أنبئوني بأسمآء هؤلاء إن كنتم صدقين } أنكم إن استخلفتكم في أرضي سبحتموني وقدستموني، وإن استخلفت فيها غيركم عصاني ذريته، وأفسدوا وسفكوا الدماء. فلما اتضح لهم موضع خطأ قيلهم، وبدت لهم هفوة زلتهم أنابوا إلى الله بالتوبة فقالوا:
Bilinmeyen sayfa