Cami
جامع أبي الحسن البسيوي جديد
ولم يسم المشرك منافقا؛ لأنه مصرح بالكفر والإنكار والتكذيب لله ورسوله؛ فمن حيث افترقت هذه الأسماء فرقنا بين من فسق من أهل القبلة، وبين ملل أهل الشرك بما افترق من قولهم وفعلهم، وبما اختلف من قبلتهم وشهادتهم، فإن كان ذلك لا يبرئ أهل القبلة من إثم قد استحقوا فيه عداوتهم، وانخلعوا فيه من ولايتهم؛ لأنا سمعنا الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}.
ومن العدل أنك لا تزعم أن من فسق من أهل القبلة كفروا من حيث أطاعوا الله فيه، ولا تقولوا: إنهم قد /174/ أطاعوا الله فيما قد انخلعوا به من اسم الإيمان، واستحقوا به اسم الكفر من المعصية التي بها انتقضت ولايتهم، كما لا ينبغي لنا أن نسمي سارقا زانيا، وإن كان قد واقع من الظلم ما يكفره، ويجعل عليه قطع يده، وما كان مثل ذلك من الحدود.
وليس لنا أن نحكم عليهم بحكم غيرهم من أجل كفرهم فيها. وكذلك لا ينبغي لنا أن نجمعهم ||هم|| وأهل الشرك في الاسم إلا من حيث اجتمعوا.
فالأسماء والأحكام جارية على أهل القبلة لإقرارهم بها، وبما أنزل الله منها، فمن أقر بالأحكام ثم لم ينقض الإقرار بإنكار ثبت له وعليه، وإن عصى الله ما لم يخرج من الإقرار إلى الإنكار، فإن ذلك يقتل وله حكم آخر، وقال رسول الله ^: «من بدل دينه فاقتلوه».
وقيل: إن معاذا قتل رجلا ارتد باليمن، وقال: قد قضى الله ورسوله فقتله بعد أن استتيب فلم يتب، فلما قدم معاذ أخبر به فقتله.
Sayfa 240