وكذلك لبس الثياب الطاهرة، والصلاة على البقعة الطاهرة، والنية للصلاة، واستقبال القبلة، كل ذلك واسع ما لم يحضر وقت الصلاة، فإذا حضر وقتها لم يسعه إلا العمل بما يجب من ذلك في وقته.
وكذلك يسعه جهل معرفة فرائض الصلاة وسننها ما لم يحضر العمل، فإذا حضر العمل فعليه أن يعلم ذلك، ويجتنب ما يفسد عليه صلاته، ولا عذر له في تركه، وعليه العمل، ويسعه ما لم يلزمه العمل بذلك، فافهم إن شاء الله، وبه التوفيق.
وقد روي عن رسول الله ^ أنه قال: «تعليم العلم فيما تعبد الله به عباده فريضة على كل حالم - أو قال: - على كل مسلم»، وقال: «اطلبوا العلم ولو بالصين».
وإنما قلنا: إنه يسع ما لم يسمع، أو تقوم عليه الحجة أو يحضر وقت العمل، وعند حضور العمل ينقطع العذر، ولا يسع الترك لمن أقر بالإسلام؛ لأن الله فرض الفرائض، وأثبت حقوقها وبين حدودها من الصلاة وغيرها، وأوجب العمل بها في كتابه، وبين ذلك رسول الله ^ لأمته، فعلى الناس طلبه وتعليمه ومعرفته والعمل به، ولا ينقطع عذرهم في الوقت قبل أن يحضر وقته، وإن لم يعلمه هلك.
وإنما قلنا: يسعه من ذلك حتى يعلم أو يحضر الوقت، كذلك جميع الفرائض التي اتفق /156/ الناس عليها.
وكذلك الزكاة يسعه جهلها لمن أقر بالجملة ما لم يملك مالا تجب فيه الزكاة، فإذا ملك مالا تجب فيه الزكاة لم يسعه جهلها، وكان عليه إخراج الزكاة على ما أوجبها الله، أو سنها رسول الله ^، ودفعها إلى أهلها المستحقين لها، وإخراجها من صنوف الأموال. فإن تركها ولم يزك، أو ترك شيئا منها ولم يدن به ولم يخرجه حتى يحضره الموت، ولم يزكه ولم يوص به هلك ولم يعذر بذلك.
Sayfa 215