123

Cami

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

Türler

وإذا كان بالاتفاق أن فعلهم وجعلهم وعملهم كسب بطل ما اعتل به صاحب هذا القول، وقد قال الله ما يدلهم على أن أفعالهم كسب قوله: {ولا تكسب كل نفس إلا عليها}، وقال: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت}، فالمكتسب لا يكون خالقا، والله تعالى جعله خلقا لا كسبا بالاتفاق، ولم يقل أحد: إن الله مكتسب لما خلق، فلما لم يكن مكتسبا لم يجز أن يقال: فاعلا ما خلقه لعباده، ولا يقال: إنهم كسبوا خلق الله، ويقال: خلق الله كسبهم؛ /87/ لأن الله خالق كل شيء، فلا خالق غير الله، وقد قال الله: {يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون}؛ أي: تكذبون أن مع الله خالقا غيره، فلا خالق إلا الله، فالله تعالى خالق ما عملته العباد كسبا لهم لا له.

ولا يجوز أن يقال: إنه عادل بعدل خلقه، ولا جائر بجورهم، هذا عن الله منفي، -جل وعلا علوا كبيرا-.

فإن قال قائل: لا يجوز أن يعذب الله العباد على فعله.

قيل له: نعم، لا يعذب الله العباد إلا على أفعالهم.

فإن قالوا: لو جاز أن يمدح العباد ويذمهم على ما خلق فيهم لجاز أن يعذبهم على ما خلق فيهم من طولهم، وقصرهم، وسوادهم، وبياضهم.

قيل له: تعالى الله أن يعذب العباد على ما خلق فيهم، إنما يعذبهم على معاصيهم التي نهاهم عنها، فركبوا نهيه، وإنما يثيبهم على طاعتهم له فيما أمرهم به وأطاعوه، ولم تكن العقوبة على ما خلق فيهم، بل خلقه حكمة بالغة.

فإن قال قائل: لو كانت المعاصي من خلق الله لوجب على العباد الرضى بها، والتسليم لقضاء الله كما يرضون ويصبرون على الموت والصحة والسقم.

Sayfa 123