- أو معنى ذلك أنهم لا يمتنعون من مراد الله فيهم، وإنما خلقهم دلالة على قدرته لمن يعتبر، وأراد العبادة ونظر خلقهم علم أن لهم معبودا.
- أو أراد بقوله: ما أمرتهم إلا ليعبدون: إلا لعبادتي، وما أمرتهم بمعصيتي. /79/
فهذه معان تحتمل، والقرآن لا يتناقض.
وقوله: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} يدل على ما قلنا، وإنه لا يكون غير ما أراد -تبارك وتعالى-.
وكذلك قوله: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} فلو أراد الطاعة من الجميع ولم يكن ذلك لم يكن قوله هذا حقا، فلما كان حقا مع الجميع والمكذب له كافر دل أنه لم يرد الإيمان إلا ممن آمن طائعا، ولم يرد المعصية طاعة، وقد أراد المعصية ممن عصاه قبيحة مسخوطة، وأراد الطاعة حسنة مقبولة.
مسألة: [في معنى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}]
- وسأل فقال: قول الله: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} أهو الأمر بالقول أو الأمر غير القول؟
قيل له: وقد يكون الأمر قولا وغير قول.
فأما القول مما أمر به من جميع أوامره فهو أمر بقول، وأما غير ذلك فقد يكون قوله : {أمرنا} هو إيتاء المراد؛ لأن قوله: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون}، كما قال: {أتاها أمرنا ليلا أو نهارا}، وقوله: {أتى أمر الله}، وكقوله: {إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها}، وقد يكون غير قول، وكقوله: {قل إن الأمر كله لله} وأشباه هذا قد يكون غير قول.
Sayfa 112