فمن وجد بعيرا ضالا لا يقدر على ورد الماء وأكل الشجر، فليس له أن يأخذه، فإن أخذه وجب عليه أن يرده إلى ربه؛ لأنه مال لغيره متعديا في أخذه لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وكان ضامنا له حتى يرده إلى ربه، لأن من أخذ مالا هو ملك لغيره متعديا بأخذه كان عليه أن يرده إلى ربه، وليس له أن يرده إلى الموضع الذي أخذه منه. وإن خلى سبيله فتلف كان ضامنا أيضا؛ لأنه كان في أخذه له متعديا، وإن أخذ رجل بعيرا ضالا قد رآه في حال مضجعه لا يقدر على ورد الماء ولا أكل الشجر، فقصد إلى حفظه ورده إلى صاحبه، فهو مطيع لله جل ذكره في فعله، إذ قصد إلى حفظ مال أخيه المسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينه عن أخذ بعير هذا وصفه، فإن تلف البعير في يده لم يكن ضامنا إذ لم يكن تلفه منه ولم يكن معه حذاؤه وسقاؤه، والذي لأجله منع النبي صلى الله عليه وسلم من أخذه. فإن قال قائل: لم أجزت أخذه والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤوي الضالة إلا ضال) (¬1) ، وقال عليه السلام: (ضالة المؤمن حرق النار) (¬2) ، والظاهر يمنع من أخذه. قيل له: إنما هذا الوعيد لمن فعل ما قد نهي عنه، وأما من تقرب إلى الله تعالى بأخذ البعير وحفظه على ربه في حال كان فيها لو ترك لتلف، وليس معه شرطه الذي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أخذه لأجله، وإذا كان هذا هكذا كان مطيعا في فعله لقول الله تعالى: { ?وتعاونوا على البر والتقوى } . ومعلوم أن من البر والتقوى أخذ البعير المعلوم في ظاهر العادة.
¬__________
(¬1) رواه النسائي وابن حبان.
(¬2) رواه النسائي وابن حبان.
Sayfa 161