إذا رجا الإنسان قبول أهل المنكر وأمكنه القول كان واجبا عليه أن ينهى عنه، وإن يئس لم يكن عليه أن ينهى إذا كان قد نهى مرة واحدة؛ لأن النهي مع الإياس بعد ذلك يكون نفلا، ومع الرجاء وغلبة الظن يكون فرضا، وما كان آمنا على نفسه وهو يرجو مع ذلك وظن يغلب عليه بأن (¬1) يبل منه الحق، فعليه أن يقول ويدعو إلى الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قال الله تبارك وتعالى: { ?ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا } (¬2) . ومع الإياس من القبول فالفرض عليه من (¬3) القول مرة واحدة فيما يكون الإنكار بالقول. فإن قال قائل: أليس الله تبارك وتعالى قد ذم قوما تركوا الإنكار على أهل السبت، ومدح قوما أنكروا عليهم؟ فقال: { ?وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا: معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون } (¬4) ، قيل له: أولئك تركوا النهي مع الرجاء، والدليل على ذلك قول الله تعالى فيما أخبر عنهم إنهم { قالوا: ?معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون } ؛ فإن قال: أليس قد أنجى الناهي وعذب القاعدين (¬5) ؟ قيل له: بل عذب الذين امتنعوا من القبول بقوله تعالى: ? { وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون } (¬6) ، فإن قال: أيجوز للمؤمن أن يجالس أهل المنكر والسفه وهم يخوضون في منكرهم وباطلهم؟ قيل له: لا يجوز ذلك. فإن قال: لم لا يجوز ذلك؟ (¬7) قيل له: بل يجب عليه الإعراض عنهم إلى أن يتركوا ذلك.
¬__________
(¬1) في (ج) أن.
(¬2) فصلت: 33.
(¬3) في (أ) مع.
(¬4) الأعراف: 164.
(¬5) في (أ) قد عذب الناهي (نسختين): أنجى الناهي وعذب القاعدين.
(¬6) الأعراف: 165.
(¬7) لا توجد في (ج).
Sayfa 117