قطر ومكان. . . إلى أن اجتمع عنده منها ما لم يقدر أحد من متقدم ولا متأخر على جمعه. . . فألف منها كتابا جامعا مستوعبا، سبق العلماء إليه، ولم يقدر أحد من أهل عصره عليه. . . يحتاج إليه كل من انتحل شيئا من العلم لمعرفة ما فيه من الآداب، ومعرفة الرجال، ليعرف الراوي عمن روى، وفي أي عصر كان كل إمام من الأئمة المذكورين، وما وقع من النوازل بين أيديهم الغريبة منها والشهيرة.
ثم لما حققت النظر في الكتاب المذكور رأيته كثير المنفعة. . . إلا أني رأيت من أراد حفظه عسر عليه، لا تساع الروايات والخلاف فيه، فرأيت أن ألخص منه مختصرا أجعله بغية للراغب ودليلا للطالب، أقتصر فيه على أنساب العلماء المشهورة، وصحيح أخبارهم المأثورة، وأذكر نكتا مقنعة من شمائلهم وآدابهم وتواليفهم وأعمارهم، وما رووا من الكتب وألفوه، وما روي عنهم (١) من مسألة نازلة عندهم، وطرحت التكرار والتطويل والآثار الشاذة، وما لا يحتاج الوقوف عليه إلا من أراد التبحر» (٢).
وأشار ابن حماده بعد ذلك إلى ما جعله بين يدي المختصر من مقدمات فقال: «وقدمت في هذه المقدمة ثلاثة فصول:
الفصل الأول: أذكر فيه نكتا من فضل العلم وأهله.
والثاني: أذكر فيه فضل المدينة وأهلها.
_________
(١) في الأصل ٣ أ: (عنه).
(٢) مختصر ترتيب المدارك: ٢ ب - ٣ أ.
1 / 47