وبقيت مسودة ترتيب المدارك بعد وفاة المؤلف مدة طويلة، إذ إنّ أبا الحسن النّباهى قاضي الجماعة بغرناطة في زمن بني نصر - الذي كان حيا سنة اثنتين وتسعين وسبع مئة - اقتبس منها في مواضع من كتابه المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا (١)، ولعلها كانت في حيازته أو حيازة إحدى مكتبات غرناطة في ذاك الوقت، أو أنه استفاد منها لما سافر إلى سبتة وبعض المدن المغربية.
ولهذا الكتاب الفائق طبعتان، لم تخدماه كما ينبغي، فقد صدرت إحداهما عن المطبعة الملكية ووزارة الأوقاف بالمملكة المغربية بين سنتي ١٣٨٤ - (١٤٠٣) هـ، وتعاقب على تحقيقها الأساتذة: محمد بن تاويت الطنجي، وعبد القادر الصحراوي، والدكتور محمد بن شريفة، وسعيد أحمد أعراب، معتمدين على عدة نسخ مغربية، ونسخة مدريد. وصدرت الطبعة الأخرى عن دار مكتبة الحياة ببيروت سنة (١٣٨٧) هـ بتحقيق الدكتور أحمد بكير محمود، مقتصرا على عدة نسخ تونسية، وفي هذه الطبعة من التصحيف والتحريف والسقط الشيء الكثير.
وثمّة طبعة أخرى صدرت عن دار الكتب العلمية ببيروت سنة (١٤١٨) هـ بعناية محمد سالم هاشم، وهي لا تستحق الذكر لأنها لا تخرج عن كونها صفا جديدا لنشرة الدكتور أحمد بكير محمود، حيث تبعتها حذو القذّة بالقذّة في تصحيفاتها وتحريفاتها وسقطاتها، فعلى سبيل المثال: سقط في موضع واحد من طبعة الدكتور أحمد بكير ما يعادل مجلدا كاملا من الطبعة المغربية،
_________
(١) ٣٢، ٤٦، ٥٦.
1 / 42