Cemalüddin-i Efganî: Birinci Yüzyıl 1897-1997
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
Türler
ويحلل الأفغاني بمزيد من التفصيل وكثير من التكرار وعدم الترتيب سياسة إنكلترا في الشرق واستعمارها لمصر والهند والسودان وقمعها لثورة عرابي في مصر وثورة المهدي في السودان وقضائها على إمبراطورية المغول ثم على ثورات الهند المتعددة منذ القرن الماضي. ويبدأ بصورة فنية، وهو الخطيب الثائر
هلع على ما في البيت فهلوع لإغلاق الباب، فانخلع المصراع، وانفض الجدار من ورائه . هذا حال بريطانيا في الهند وقناة السويس. كانت تريد باب أمن، فانخلع الباب وانهدم الجدار. أرادت إنجلترا بعد احتلالها مصر أن تدخلها تحت حمايتها، وتبدل بالجيش المصري جيشا إنجليزيا. وتقيم في السودان سلطة مستقلة، وإرضاء المصريين بتنظيم أموالهم وتسكين روع العثمانيين. ثم قسمت الممالك في الهند ، وأقامت لكل قسم حامية فيها حتى استولت على الهند تحت غطاء الإحسان الإنجليزي والاستبشار العثماني بما يحدث في مصر والهند.
ثم ظهرت الدعوة المهدية في السودان. وسارعت إنجلترا بالتدخل في مصر كطريق للهند. وسالت الدماء على سواحل البحر الأحمر. ونفرت القلوب من الإنجليز. وبدأ الخوف في المغرب الإسلامي وطرابلس الغرب والشرق الإسلامي. فجزيرة العرب باب الهند. وأرسلت إنجلترا جوردون باشا إلى السودان لتفريق كلمة المحاربين فشتتهم ظلما، وجلب قساوسة بروتستانت من السويد لنشر المسيحية بين المسلمين لإخماد الثورة، وأراد منح المهدي لقب أمير كردفان. ولكنه أخفق في سعيه. فذهبت قوة إنجليزية بقيادة الجنرال جراهام إلى سواحل البحر الأحمر لاسترجاع شرف بيكر وهس من الضباط الإنجليز الذين هزمهم أنصار المهدي. وغلبوا ثلاثة آلاف من العراة السودانيين، وقتل منهم ثمانمائة بدوي ومع ذلك لم تجبن القبائل وظلت تحارب وتقاوم. وقد فتك المهدي بعشرة آلاف جندي بريطاني مرة، ومرة أخرى بألفين وخمسمائة، وكلهم تحت مشاهير قواد جيش إنجلترا. فلا يفت في عزمه انهزام بعض المنتسبين إليه. تخيلت إنجلترا أنها نجحت وهنأتها الدول على انتصارها في معركة وكأنها نابليون الأول أو غليوم الثاني. وليس في أفكار غوردون أن يخمد الثورة ولكنها قد تهدأ قليلا بفضل العثمانيين والمصريين المتعاطفين مع المهدي.
كان يكفي إنجلترا حفظ باب الهند بتأييد العثمانيين والمصريين. ولكنها التفتت إلى تقوية باب الهند الشمالي، أفغانستان وباكستان. ولم يغن الباب عن انهيار البناء كله. فقد لجأ التركمان في مرو إلى روسيا بعد أن كانوا مستقلين. وقد يتبعهم تركمان سرخس وينضمون إلى فارس، وهم مخالفون لهم في المذهب فيفتح بذلك الطريق إلى روسيا إلى فراه ثم إلى قاين ثم إلى سجستان ثم إلى الهند. وهناك قبائل أفغانية في ضجر من حكومتها قد تتبع أبناء عمومتهم التركمان. وقد تخرج قبائل أخرى على الأفغان ضد سلطة أهل السنة، وقد كانوا في الحرب الأخيرة مع الإنجليز. وقد يتجاوزون إلى روسيا لوعودها لهم، فيمتد سلطان روسيا إلى شمال الهند، وتهدد الهند، وربما يمتد إلى قناة السويس، والإيقاع بقبائل الأفغان واختلافها على الإمارة بعد أن تقربت إلى ألمانيا والنمسا، وعقدت معاهدة معهما على حفظ السلام في أوروبا حتى تتفرغ لآسيا . فهل يمكن للإنجليز تفهم الخطر القريب وألا يقعوا في شرك المسألة المصرية. يخافون منها ويقعون في شركها، وهم لا يقدرون عليها إلا بمعونة العثمانيين وبعض المصريين؟ فواضح أن الأفغاني هنا يؤسس سياسة ضرب إنجلترا بروسيا، وضرب روسيا بإنجلترا، واللعب على تناقض المصالح بين القوتين الكبيرتين في عصره، تخويف إنجلترا بروسيا، وتخويف روسيا بإنجلترا كما حدث نفس الشيء، بعد ذلك أثناء الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة وقيام حركات التحرر الوطني وقادة العالم الثالث خاصة عبد الناصر بالاستفادة من التناقض بين المعسكرين المتنازعين لصالح الاستقلال الوطني للشعوب المتحررة.
13
ومع ذلك يبدو الأفغاني أكثر تعاطفا مع روسيا كما كان عبد الناصر فيما بعد، وأكثر عداوة للاستعمار الغربي ممثلا في إنجلترا كما كان عبد الناصر معاديا للاستعمار الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية. فبريطانيا تفتح البلاد وتوقع بين أهلها البغضاء، وتتدخل في أمور الشرق، وتستعمر الهند ومصر لاستعباد أهليهما. الإنجليز في ذاتهم أمة من أرقى الأمم تعرف العدل في الداخل، ولكنها تمارس الظلم في الخارج. الإنسان له حق الحياة. وهو الإنجليزي، ولغيره من البشر الموت، ليس في الوجود إلا الله وحق الإنجليزي، الطمع دافعه. وكل بقعة غنية في العالم له. لذلك لا يصدر عنهم في الخارج إلا الظلم. ووسيلتهم المكر والخديعة. ومن السفه مطالبة الشرقيين الإنجليز بالعدل أو الإنصاف؛ لأن معنى العدل هو التخلي عن البلاد وهو ما لن تقبله إنجلترا. يكشف المعيار المزدوج لإنجلترا العدل في الداخل، والظلم في الخارج، التشدق بالعدل كمبدأ عام ثم تخص نفسها بالوصاية على النوع الإنساني.
ومما ساعد على استعمار الشرق من الغرب، تفكك عرى الأمة الإسلامية وعدم الاتصال بين الأقوام مثل الأفغان والإيرانيين؛ فقد وقعت ثورة الهند عام 1860م، ولم تصل أخبارها إلى إيران وأفغانستان إلا بعد أن تمكن الإنجليز من إخمادها، وكذلك لا يعرف الهنود أخبار إخوانهم المسلمين؛ فالتركي والمغربي، والتونسي والجزائري والمراكشي يعلمون أنه توجد مقاطعة اسمها الهند بها ملايين من المسلمين الهنود، ويعلم الهنود أن على الأرض دولة عثمانية إسلامية، يفرحون لفرحها. ومع ذلك تجهل كل أمة أحوال الأمم الأخرى. فلا يدري أحد أخبار الهند باستثناء وقوعها تحت الاستعمار الإنجليزي. والهند درة غالية في آسيا، كانت هدف الفاتحين منذ القدم ومطمح أنظار الملوك والسلاطين. زحف إليها الإسكندر، ودخلها فاتحا من الشمال كما فتحها جيش الحجاج من الشمال، من بخارى وكابول. ثم أعاد فتحها السلطان محمود الغزنوي. وعطش الجيش في الطريق فأعطى خادم السلطان له قربة ماء فأراقها أمام الجيش
لا خير في حياة إذا هلك الجيش . وفضل الموت إذا كان فيه سلامة العسكر فتحمس الجند، وساروا حتى وصلوا إلى مكان المياه ثم انقضوا على حصون الهند، ودكوها بالمدافع ثم فتحها تيمور لنك ثم نادر شاه الإيراني وأخذ من خزائنها وأموالها. وفتحت الهند بعد ذلك عدة مرات بحروب ومخاسر عديدة.
أما الإنجليز فقد ملكوا ثلث العالم بلا مخاطر ولا دماء ولا أموال. بل استعملوا سلاح الخديعة والحيلة، أسودا في ملمس جلود الأفاعي. يعرضون أنفسهم خدما صادقين وأناسا ناصحين، داعين إلى الأمن واستقرار النظام، وتثبيت الأمراء، وتنفيذ الفرمانات، وتأييد السلطان. فإذا تصدى لهم ملك شرقي حاذق شوشوا عليه، وألبوا عليه الرعية، وأثاروا عليه الأحقاد، وأيدوا، بدلا عنه، السفهاء من الأمراء، ودعوا إلى عصيانه أو الاتفاق معهم على خلعه، وتنصيب أمير ضعيف أحمق أو صبي لم يبلغ بعد سن الرشد من أبنائه أو أقاربه. فعلوا ذلك بالهند. انتشروا كتجار، وفرقوا كلمة الأمراء، وأقروا الراجات، وطالبوهم بالاستقلال والانفصال عن الدولة التيمورية لتقسيم الهند إلى ممالك صغيرة، وأغروا كل أمير بلقب. فإذا ما احتاج إلى المال عاونوه، مرة بالذهب، ومرة بالسيف. ونفروهم من عساكرهم، واتهموهم بالضعف والجبن والخيانة والإضلال، وطالبوا بإحلال الإنجليز محلهم لما هم عليه من قوة وبسالة ونظام وقيادة إنجليزية مع بعض الجنود الهنود. ووضعوا على كل عاصمة فرقة إنجليزية لحماية الحاكم، وأعطوها أسماء محلية مثل العمرية للحكومة السنية، والجعفرية للحكومة الشيعية، والكشتية للحكومة الوثنية . فإذا ما فرغت خزائن الحكام فتح الإنجليز خزائنهم، وأقرضوهم بفوائد كثيرة أو قليلة. فإذا ما عجز الأمير عن السداد طالب الإنجليز بقطعة أرض للاستفادة منها وسداد الدين وإرجاعها، فيضعون أيديهم على أخصب البقاع، ويؤسسون فيها القلاع والحصون على أبواب العواصم. ويغرون الأمراء بمزيد من الإسراف والتبذير، ويغرون الحكام بالحروب بينهم، ويأتون لمساعدتهم، ويجبرونهم على الصلح في مقابل تنازل المهزوم عن جزء من أرضه للمنتصر، وهم الخادم الصادق والناصح الأمين، حتى إذا ضعف الجميع قادوهم إلى السياف بجنوده أو خلعوه، وأحلوا محله أحد أعضاء العائلة المالكة بشرط أن يقطع لهم أرضا أو يمنحهم امتيازا، ويقع الكل في مخالب الإنجليز.
14
Bilinmeyen sayfa