Cemalüddin-i Efganî: Birinci Yüzyıl 1897-1997
جمال الدين الأفغاني: المئوية الأولى ١٨٩٧–١٩٩٧
Türler
والذي حارت البرية فيه
حيوان مستحدث من جماد
لم يأت دارون بجديد، وربما لا يوجد جديد على سطح الأرض من حيث الجوهر والأصول، المهم أن يعترف الخلف بفضل السلف وأن يقوموا بإخراج النظرية وغيرها من بطون الكتب. الخلاف في طريق الوصول إليها. ما وصل إليه القدماء بالعقل وصل إليه الأوروبيون بالتجربة، وما وصل إليه القدماء للمعرفة وصل إليه المحدثون للكشف والاختراع. وهو أيضا ما قاله أبو بكر بن بشرون في رسالته لأبي السمح في بحث الكيمياء، استحالة التراب إلى نبات ثم إلى حيوان. وأرفع المواليد الإنسان. فالنبات أرفع درجات التراب، والحيوان أرفع درجات النبات، والإنسان أرفع درجات الحيوان، في سلسلة متصلة لا تنتهي. قال بذلك القدماء قبل دارون مع الاعتراف بفضله وثباته وصبره وخدمته للتاريخ الطبيعي، بالرغم من مخالفة الأفغاني له في نسمة الحياة التي أوجدها الله لا على سبيل الارتقاء من القرد إلى الإنسان، أو أن يصبح البرغوث فيلا لأن فيه ما يشبه الخرطوم. بل إن الأفغاني ينبه على عدم الإغراق في نسبة النشوء والارتقاء له لأنه يلتقي مع دارون في رصد الظاهرة ويختلف في تفسيرها؛ فالتطور عند دارون متصل الحلقات وعند الأفغاني منفصل الحلقات، وهو نفس الخلاف بين دارون وسبنسر ولامارك ودوركايم من ناحية وبين برجسون من ناحية أخرى.
وما يعيبه الأفغاني على الدكتور شميل ليس قوله بالتطور الذي قال به القدماء، ولكن سيره على أثر دارون مثل بشنر وهكسلي وسبنسر، وتحمل أعباء التكفير من غير علم دقيق. وبالرغم من جرأته الأدبية ورسوخه في الفلسفة وعدم خوفه من سخط المجموع وتسميته الحكيم أو حكيم الشرق، إلا أنه وقع في التقليد الأعمى للغرب، وانتصر لدارون ونشر مذهبه رغم معارضة الدين، أي إن الأفغاني يعيب عليه تغريبه أي تقليده للغرب بالرغم مما قد يعاب على الأفغاني من سلفيته أي تقليده للقدماء. بل إن شميل ينكر الخلق وهو ما زال مطروحا عند دارون. فبالرغم من أن مجموع التطوريين ينكرون الخلق بناء على التدرج في الأحياء إلا أن دارون نفسه وصل إلى النقطة الجوهرية، وهي موجد نسمة الحياة، وقال
إني أرى الأحياء التي عاشت على هذه الأرض جميعها من صورة واحدة أولية نفخ الخالق فيها نسمة الحياة. فما ينبغي ظهور الحياة على نحو طبيعي . ولكن الماديين أنكروا على دارون ذلك وجعلوا مذهبه ناقصا؛ لأن غايتهم إنكار الخلق، وشميل يوافق دارون إذا أنكر الخلق ويختلف معه إذا أثبته. فالأفغاني «يؤسلم» دارون ويجعله يقول بالتطور والخلق في آن واحد. ويعيب على شميل قراءته الغريبة لدارون وبالتالي تغريبه وعدم رؤيته للآخر من منظور الأنا. وينتهي الأفغاني من هذا العرض النقدي لنظرية التطور إلى أن حصر الحياة كما هو الحال في المذهب الطبيعي في أنواع قليلة لا ضرر منه، والانتخاب الطبيعي أمر معروف في انتخاب النساء والأزواج. وقد حرص العرب عليه لتحسين نسل الحيوان. فكان العربي يطوف البيد كي يبحث لفرسه عن زوج حرصا على الأنساب المختارة.
11
تمثل رسالة
الرد على الدهريين
النقاش الدائر في الغرب في القرن التاسع عشر إثر نظرية دارون وترويج أحمد خان لها في الهند كجزء من التغريب العام للتخفيف من حدة التقابل بين الشرق والغرب في عصر مواجهة الاستعمار. ويردد الأفغاني نفس الحجج التي رددتها الدوائر الدينية الكاثوليكية خاصة في الغرب ضد نظرية التطور. فهي تعتبر إحدى بدايات علم الكلام الجديد أو الفلسفة الجديدة في التعامل مع الثقافات الوافدة من الغرب الحديث كما تعامل القدماء، متكلمين وفلاسفة، مع الثقافات الوافدة من اليونان غربا وفارس والهند شرقا. كما تعبر عن الحالة الثقافية الراهنة والأفكار الشائعة عن المادية والإلحاد والمذهب الطبيعي والنقد الشائع لها في أذهان الناس الذي تقوم به الدوائر الدينية المحافظة من خلال سطوة أجهزة الإعلام وتأثيرها، يعتمد الأفغاني على البحث التاريخي والدليل العقلي، أي على الرواية والدراية، النقل والعقل. يجعل العقل الغريزي أي الطبيعي العلمي الصافي رافضا لها مع أنه قد يكون قابلا لها؛ فالعقل الديني يقوم على افتراض الانفصال بين العلة والمعلول. والعقل العلمي يقوم على افتراض الاتصال. يعبر نقد الأفغاني عن اختياره المسبق. لذلك يستبدل بلفظ البقاء الفناء. فيقول الصراع من أجل الفناء وليس من أجل البقاء. ويتصور العالم على نمط الألفة وليس على نمط الصراع. ويعتبر الألفة نظاما إلهيا والصراع نظاما شيطانيا مع أن النظامين مشاران إليهما في القرآن الكريم. ولكن الذي ساد في الثقافة الشعبية هو نظام الألفة دفاعا عن الوضع القائم ودرءا لحركات التغير الاجتماعي ولمخاطر الثورة. لذلك ألصق نظام الصراع بالماركسية، وجعلوه دمويا عنيفا كما هي الصورة الشائعة للصراع الطبقي الذي تروج له الدوائر الدينية الرجعية المحافظة. (2) النقد العملي
لا يكتفي الأفغاني بنقد الدهريين نقدا نظريا مبينا تهافت نظرية التطور، ولكنه ينتقل إلى بيان مضارها من الناحية العملية وآثارها السيئة على أخلاق الأفراد وحياة الأمم ومسارها في التاريخ. وهي المطالب الأربعة عشر التي تمثل ثلاثة أرباع الرسالة. فالنقد العملي أهم من النقد النظري. النقد العملي يقين، والنقد النظري قد يكون ظنا.
Bilinmeyen sayfa