فإنه إن كان إنما يشهد بذلك لها من طريق ما هى جوهر، فما باله لم يزعم أن أسباب الصحة، وأسباب الأمراض ظاهرة لجميع الناس لا تحتاج لظهورها فى العيان لا إلى شرح، ولا إلى برهان.
وذلك أن جميع الناس يعرفون الخبز، والعدس، وكشك الشعير، واللحم، وماء العسل، إلا أنهم لا يعلمون لمن، ومتى من شأن كل واحد من هذه أن ينفع، أو يضر، ومن هذا الطريق كان لكل واحد منها أن يكون سببا للصحة، أو المرض. فقد بان أنهم يعرفون الخبز، واللحم، والكشك، ولا يعرفون سبب الصحة منها من سبب المرض.
وكذلك فى الأدوية أيضا. فإن الخريق، وقتاء الحمار، والسقمونيا، والأفتيمون، وأصل السوسن، والخاريقون، ليس من أحد إلا وهو يقدر أن يراها عيانا، ويشمها، ويلمسها، ويذوقها. فأما منافعها، ومضارها فليس يعرفها عوام الناس.
فقد بان أنهم لا يعرفون سبب الصحة منها من سبب المرض.
وكذلك أيضا الأرض، والهواء، والماء، والنار، ليس من أحد إلا وهو يعرفها معرفة شافية بحواسه كلها، إلا أن عوام الناس لا يعلمون هل هى اسطقسات، أم لا. ولم يعجز عن معرفة ذلك عوام الناس فقط، لكن قد عجز عن معرفتها كثير من الفلاسفة.
Sayfa 73