قال جالينوس هذه أشياء قد قالها ابقراط فيما تقدم من قوله فى هذا الكتاب ولو أن إنسانا جذبها من الكتاب أصلا لم يدخل بذلك على هذا التعليم شىء من الضرر وقد يعرض فى مثل هذه الكتب التى يشرح فيها صاحبها معانى وأمورا كثيرة بكلام وجيز أن يكون صاحب الكتاب يثبت لنفسه مرارا كثيرة معانى وأمورا بأعيانها بكلام مختلف لينظر فيما بينه وبين نفسه أى الكلام أولى وأوفق أن يتكلم به فإذا وجد الناسخ للكتاب بعد ذلك بعض الكلام مثبتا فى الظهر نسخه كله فى بطن الكتاب ورتبه حيث يظن أن ذلك الترتيب أولى وأحق به فأما الشىء الذى يدل عليه هذا القول الذى قصدنا لشرحه فهو على هذا النحو وقد قلت إن للمتعالج أوقاتا كثيرة أولها الوقت الذى يصير فيه إلى الطبيب وعضوه الذى نالته الآفة على نصبة وشكل من الأشكال لا محالة ثم من بعده وقت آخر وهو الوقت الذى يدفع فيه نفسه إلى الأطباء ليتثبتوا فى عضوه العليل ويعلموا ما العلة التى عرضت له وما الذى يحتاج إليه من العدة لمداواته ويقفو هذين الوقتين وقت آخر ثالث فيه تعبئة الأشياء التى بها يداوى وتهيئتها ومن بعده وقت التمديد ومن بعد هذا الوقت وقت العمل وهو فى الكسر وقت الجبر والإصلاح والتسوية وفى الخلع وقت رد المفصل وإدخاله إلى موضعه وآخر الأوقات كلها وقت التعليق لما يعلق ووضع ما يوضع من الأعضاء أما التعليق ففى اليد وأما الوضع ففى الرجل وفى الصلب وفى الرأس وابقراط قد ذكر فى هذا القول الذى قصدنا لشرحه القنية وإنما يعنى بالقنية الحال التى تبقى عليها الأعضاء المربوطة من بعد ما قد ربطت ووضع بإزاء القنية وحاذاها فى القسمة بالوضع وهو ما عليه يكون مستقر الأعضاء إذا عزلت عزلا فيه موقاة كالمخزونة والأعضاء التى يفعل بها ذلك هى اليدان والرجلان والرأس وجميع الصلب وإنما سمى إقرار هذه الأعضاء وضعا لنفهم نحن عنه أن القنية إنما تكون فى سائر الأعضاء التى بمنزلة الترقوة واليدين والأضلاع والعظم الصغير المعروف برأس الكتف وعظم الكتف وكل واحد من اللحيين وإن كان من الأعضاء شىء سبيله هذا السبيل وذلك أنه يريد أن يكون عند تبديل الأوقات التى ذكرناها والنقلة عن واحد منها إلى الآخر بعض الأعضاء موضوعا وضعا جيدا أعنى كل ما يمكن فيه منها أن يوضع وبعضها يكون قنية أعنى الحال التى يبقى عليها جيدة وهى جميع الأعضاء التى لا يمكن أن توضع فالجيدة الوضع إنما أراد بها الأعضاء التى توضع وتكون كالمخزونة الموقاة والجيدة القنية أراد بها سائر الأعضاء الأخر لأن للأعضاء التى تعالج [هى ] شىء واحد بعينه هو عام لجميعها يجرى مجرى واحدا وهو الشكل الذى للعضو بالطبع وأما فى سائر الأشياء الأخر فى الأوقات التى ذكرها فبعضها يباين بعضا فابقراط يأمرك أن تتفقد الشكل الذى هو للعضو بالطبع وتقصد فيه نحو الوقت الآخر بأن تستبقى وتحفظ الرباط الذى قد ربط وفرغ منه زمانا طويلا فإنا إن ربطنا العضو وهو على نصبة ما ثم غيرناه عن تلك النصبة إلى غيرها تبذل فى آخر الأوقات وضع العضل والعصب والعروق وتغير عما ربطناه فصارت هذه الأعضاء ليست بجيدة القنية ولا جيدة الوضع أعنى أنها لا تكون موضوعة وضعا جيدا كالمخزونة الموقاة ولا معلقة تعليقا جيدا
قال ابقراط التمديد ينبغى أن يكون على أكثر الأمر للتى هى أعظم وأغلظ وحيث يجتمع الأمران ثم يبنى بالتى الأسفل منها هو المأوف وأقل ما ينبغى أن يكون للتى العلة فى الفوقانى منها
Sayfa 42