فأقول إنه ينبغى أيضا فى هذا الباب أن يعرف من أراد أن يمتحن أصحاب العلاج بالحلديد من الأطباء مقادير الأمراض التى يعالجها أولئك الأطباء فى قوتها وضعفها، وحالاتها فى السلامة والخبث. من ذلك أنه ليس ينبغى لك أن تلتفت فى القيلة إلى عظمها ولا يغلطك كبرها فيوهمك أنها مرض قوى عظيم. لكن ينبغى لك أن تبحث ما طبيعة المرض، وكيف يعرف حاله من عظمه الذى هو بالحقيقة عظيم لا بما يظهر. ويعلم أن القيلة التى قد نزل فيها الغشاء الذى على المعدة والأمعاء الذى يقال له الثرب هى مرض قوى عظيم، وإن كان حجمها ليس بالعظيم؛ والقيلة التى فيها ماء مرض يسير، وإن رأيتها عظيمة. وكذلك ينبغى أن يتعرف حال القيلة التى قد نزل إليها شىء من المعى، إما وحده وإما مع الثرب.
فإذا أردت أن تمتحن المعالج بالحديد المحنة الصحيحة، فكذلك الحال فى سائر الأمراض مثل الحجر الذى فى المثانة، والعروق المتسعة، وأفواه العروق المنفتحة، والنواصير، واللوزتين، والخنازير، وغلظ اللهاة، والماء الذى فى العين، والظفرة، والشعر الزائد، والسلع، وسائر ما أشبه ذلك. فإنك متى عرفت مقدار كل واحد من هذه الأمراض فى قوته وضعفه وحاله فى سلامته وخبثه، لم يعسر عليك أن تمتحن وتميز بين الحاذق غير الحاذق. وذلك أنك إذا رأيت الطبيب قد أبرأ أمراضا كثيرة قوية، علمت أنه معالج حاذق؛ وإذا رأيته إنما يبرئ أمراضا يسيرة أو ضعيفة، علمت أنه ليس بحاذق.
وينبغى أن يكون ما قلت قبل حاضرا لذكرك فى هذا الباب أيضا من أنه «لا ينبغى أن يخطئ المريض على نفسه فى وجه من الوجوه، ولا يخطئ عليه من يخدمه، ولا يعرض شىء من خارج يفسد على الطبيب علاجه.»
تم كتاب جالينوس فى المحنة التى 〈بها〉 يعرف الإنسان أفضل الأطباء، إخراج حنين بن إسحق.
Sayfa 136