في حجرتي وأخرجت علبة لحم محفوظ وأربع بيضات وزجاجة نبيذ أحمر جزائري وعلبة قنبيط مسلوق. قلت إني متردد في أخذ علبة اللحم إلى المطبخ لفتحها، فثمنها
روبل ، وهاته العجائز يعشن على
كبيكات . دخلت المطبخ عدة مرات ثم عدت حائرا ماذا أفعل ثم دخلت المطبخ مرة أخرى وفتحت الدولاب وأخذت فتاحة الزجاجات والعلب. تطلعت إلي العجوز في فضول الطفل. عدت إلى الحجرة فأعطيت الفتاحة
لحميد ، ثبتها على حافة العلبة فوق المائدة وضربها بيده فصدر صوت ما عن المائدة؛ صحت به: هس. وخيل لي أني سمعت زمجرة من العجوز. أخذت منه العلبة ووضعتها فوق الأرض الخشبية. ضربت الفتاحة بيدي ثم أكمل هو العملية محاذرا أن يصدر عنا صوت حتى انفتحت. حملتها إلى المطبخ وبحثت عن الوعاء الكبير ذي المقبض والعجوز ترقبني بينما تلعب الورق. لم أجده. سألتها عنه فقالت إن به طعامها وبدت منفعلة. قالت: خذ الصغير. غمغمت أن الوعاء الصغير لا يكفي، أين هو؟ قالت: لا أعرف، ابحث. فتحت الدولاب فوجدته في الأسفل. وضعت العلبة على النار ثم غسلت الوعاء ورأيت اللحم يبرز من العلبة فأسرعت أنقله إلى الوعاء فملأه. قالت لها العجوز الأخرى: أعطه الوعاء الأكبر، هذا صغير. استجمعت شجاعتي وقلت لها في حزم: من فضلك أعطيني الوعاء الكبير لأن هذا صغير. تطلعت إلي في انفعال. قلت: سأنقل محتوياته في شيء ما ثم أعيدها. قالت أين؟ هذا وعائي وبطاطسي. ثم قامت منفعلة وأحضرت الوعاء وأفرغت محتوياته في وعاء آخر وهي تصرخ: اشتر لنفسك وعاء، هذه أوعيتي وهذه بطاطسي. وجمت العجوزتان الأخريان ثم غادرتا. غسلت هي الوعاء ثم جففته بالخرقة القذرة وأعطته لي فنقلت إليه محتويات الوعاء الصغير وهي تتحرك حولي في عصبية مزمجرة. ثم كسرت البيض وحملته إلى المائدة وكانت هي قد دخلت الحجرة وطافت بها ثم خرجت وعادت وقدمت إلينا شوكتيها القديمتين اللتين تشبهان مخالب ثعلب قذرة. نحيتهما جانبا وأخرجت شوكتين من كيس السلوفان.
فتحت زجاجة النبيذ فتفتتت السدادة. قلت: لا بد أنها سدادة سوفييتية. قال
حميد : طبعا لأن التعبئة تتم هنا، فهم يستوردون النبيذ من
الجزائر
في براميل أو صهاريج بواخر. شربنا وتقززنا قليلا من مرارته الزاعقة. قال: الجزائريون يبيعون النبيذ الفاخر
لفرنسا
ويرسلون البقية هنا. قلت: وهنا أظنهم يضيفون إليه ماء. قال: ووساخات، انظر ما تبقى في قاع الكوب، هل رأيت فيلم
Bilinmeyen sayfa