بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ!
اللَّهَ أَحْمَدُ على نعمة الإسلام، وكفئ بها نعمةً (١). وأشهد أن لا إله إِلَّا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن. حمدًا عبده ورسوله، صلّى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه وسلم، خير من نطق الضاد، آتاه ربه جوامع الكلم وفواتحه وخواتمه. وبعد،
فلولا أن منَّ اللَّه على هذه الأمة بعلماء مخلصين حَرَصُوا على تبليغ كتاب اللَّه وسنة نبيه ﷺ، لماتت قرونٌ، ولعاش - من عاش منهم - يتفقه على مذهب أبي مُرَّةَ لعنه الله! ! .
وإن أحدًا لا يجرؤ أن يزعم أنّه سيأتي بأفْضَلَ ممّا أتى به أئمة العلم من قبل، بَلْهَ (٢) الزيادة عليه؛ فالخلف عيالٌ على السلف:
لَا تَعْرِضَنَّ بِذِكْرِنَا مَعْ ذِكْرِهِمْ ... لَيْسَ الصَّحِيحُ إِذَا مَشَى كَالْمُقْعَدِ
ولكن: كم ترك الأوّل للآخر! !
- قال ابن قتيبة ﵀! -: "وَلَمْ يَقْصُرِ اللَّهُ الْعِلْمَ وَالشِّعْرَ وَالْبَلَاغَةَ عَلَى عَصْرٍ دُونَ عَصْرٍ، وَلَا خَصَّ بِهَا قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، بَلْ جَعَلَ ذَلِكَ مُنْتَشِرًا فِي جَمِيع الأعْصَارِ .. ".
ولقد بلونا أخبار علمائنا الأعلام ممّا تركوه لنا من تراث مجيد، قل أن يوجد لأمة مثله، وأعني به مصنفاتهم، فمن مقل ومن مكثر. وأمّا في زماننا هذا فقد كثر
_________
(١) لم أبدأ - هنا بخطبة الحاجة؛ وذلك لأنّها إنّما وردت في معرض الخطابة لا الكتابة، كما اعتاد كثير من مصنفي هذا العصر، بل إنِّي - فيما علمت - لا أعرف أحدًا من السلف الذين صنفوا - ابتدءوا مصنفاتهم بتلك الخطبة، فَعُلِمَ أنّها مقصورة - لمن تمسك بالسُّنَّة - على افتتاح الخطب لا على افتتاح التصانيف ولم أر أحدًا - علم الله - أشار إلى هذا قبلي؛ فللَّه الحمد والمنة! . (أبو عبد الله).
(٢) يعني: دع.
1 / 7