وفاته:
توفي أبو البقاء ﵀! - ليلة الأحد، ثامن عشر ربيع الآخر من سنة (٦١٦ هـ)، وذلك ب "بغداد"، ودفن بمقبرة باب حرب، الّتي دفن فيها الإمام أحمد ﵀! -.
مذهبه النحوي:
الرَّجل حنبلي في الفروع، غير أن مذهبه النحوي اتسع الكلام فيه وتشعب؛ فمن قائل: إنّه بصري حتّى النخاع، ومن قائل: لا، فالرجل كوفيٌّ جَلْدٌ، ومن جانح إلى أنّه بغداديٌّ من مَفْرِق رأسه وحتى أخْمَصِ قدميه.
ومهما يكن من أمر، فإنّه ينبغي ألَّا يسارع أحد بالحكم على العكبري ونسبته إلى مدرسة بعينها؛ وما ذلك إِلَّا لأنّ الرَّجل كان في عصر امتازت فيه ملامح كلّ من المدرستين البصرية والكوفية، كما أنّه قد اصطنع بعض القوم مذهبًا لنفسه منتقيًا من نحو المدرستين البارزتين، وذلك ما أطلق عليه بعد: "المدرسة البغدادية"، وكان رائدها أبو علي الفارسي، وتبعه تلميذه أبو الفتح عثمان بن جني.
وإن كان لإخراج العكبري من المدرسة البصرية وإدخاله في مدرسة بغداد بعض ما يسوغه، فليس لسلكه في سلك الكوفيين مسوغ واحد (١)، على حد تعبير الدكتور غازي مختار طليمات.
والعكبري - بعد طول النظر - في غالب أحواله بصريٌّ، تأثر بإمام النحاة في كثير من كلامه؛ فهو يشير في كتاب "التبيان" إلى سيبويه حوالي أربعين مرّة، إِلَّا أنّه - مع ذلك - يختار في بعض الأحيان مذهب الكوفيين؛ فمثلًا في "إتحاف الحثيث" الّذي معنا، يختار مذهب الكوفيين في أن "مِنْ" تستعمل لابتداء غاية الزّمان كما
_________
(١) وممن ذهب إلى كوفيته الاساذ محمّد الطنطاوي في كتابها "نشأة النحو" (ص ١٨٠)، نقلًا عن "اللباب في علل البناء والإعراب" لأبي البقاء، تحقيق د. كازي مختار طيمات، دار الفكر المعاصر - بيروت، دار الفكر - بيروت، ط. أولى سنة (١٤١٦ هـ) (١/ ٢٠).
1 / 27