بمذهبه، وأعلن إمامة أهل البيت، ودعا للرضى من آل محمد على عادة الشيعة، وأطاعته قبائل كتامة بعد فتن وحروب، ثم اجتمعوا على تلك الدعوة.
ثم هلك الإمام محمد بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق بعد أن عهد لابنه عبيد الله المهدي، وشاع خبر دعاته باليمن وإفريقية، وطلبه المكتفي، وكان يسكن عسكر مكرم، فانتقل إلى الشام، ثم طلب ففر بنفسه وبابنه أبي القاسم وكان غلاما حدثا، وبلغ مصر، وأراد قصد اليمن، فبلغه أن علي بن المفضل أحدث فيها الأحداث من بعد ابن حوشب، وأساء السيرة، فكره دخول اليمن، واتصل به شأن أبي عبد الله، وما فتح الله عليه بالمغرب، فاعتزم على اللحاق به؛ وسرح عيسى النوشري عامل مصر في طلبه، وكانوا خرجوا من الإسكندرية في زي التجار، فلما أدركت الرفقة خفي حالهم، بما اشتبه من الزي، فافلتوا إلى المغرب.
انتهى كلام ابن خلدون ﵀ قال المؤلف رحمة الله عليه: وأنت إذا سلمت من العصبية والهوى، وتأملت ما قد مر ذكره من أقوال الطاعنين في أنساب القوم علمت ما فيها من التعسف والحمل مع ظهور التلفيق في الأخبار، وتبين لك منه ما تأبى الطباع السليمة قبوله، ويشهد الحس السليم بكذبه، فإنه قد ثبت أن الله تعالى لا يمد الكذاب المفتعل بما يكون سببًا لانحراف الناس إليه، وطاعتهم له على كذبه.
قال تعالى عن نبيه محمد ﷺ؛ " وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ لأَخَذْنَا مِنْهُ باليَمينِ ثَمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِينَ ".
وقال تعالى في الدلالة على صدقه: " أَفَلاَ يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِى الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الغَالِبُونَ ".
وقد علم أن الكذب على الله تعالى، والافتراء عليه في دعوى استحقاق الخلافة النبوية على الأمة، والإمامة لهم شرعا بكونه من ذرية رسول الله ﷺ وآل بيته، من
1 / 52