أحمده حمدًا يليق بجلاله، وينبغي لعظمته وكماله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ظهير، ولا معاون له فيما يريده ولا وزير، شهادةً تعبر عن قلب قد عمر بالإخلاص، وذخيرة للنجاء من النار والخلاص.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ونبيه وخليله، الذي أنقذ الله به العباد من الهلاك، وخلصهم به من أشراك الإشراك، حتى قاموا لله سبحانه بما شرع له من طاعته، وأنزل عليه من أحكام عبادته. صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأوليائه ومتبعيه وأحبابه، وشرف وكرم.
وبعد: فإني لما أعانني الله جلت قدرته، وتعالت عظمته، على إكمال كتاب: عقد جواهر الأسفاط في أخبار مدينة الفسطاط. وضمنته ما وقفت عليه، وأرشدني الله سبحانه إليه من أحوال مدينة الفسطاط. منذ افتتح أرض مصر أصحاب رسول الله ﷺ وصارت دار إسلام، إلى أن قدمت جيوش الإمام المعز لدين الله أبي تميم معد من بلاد المغرب مع عبده وقائده وكاتبه أبي الحسين جوهر القائد الصقلي في سنة ثمانٍ وخمسين وثلاثمائة، ونزلت في شمال الفسطاط بالمناخ، وأسس مدينة القاهرة وحل بها، أحببت أن أضع لمن ملك القاهرة من الخلفاء ديوانًا يشتمل على جمل خبرهم، ويعرب عن أكثر سيرهم، فجمعت هذا الكتاب وسميته كتاب:
إتعاظ الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا
والله تعالى أسأل أن يحفظني فيه، وفيما خولني من دنيا ودين، ويجعلني يوم الفزع الأكبر من الآمنين بمنه وكرمه.
1 / 4